للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان فضل القتل في سبيل الله ولو في غير معركة]

وعن نعيم بن همار: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الشهداء أفضل؟ قال: الذين يلقاهم القوم في الصف فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى -أي: يتمرغون ويتنعمون في الغرف العلى من الجنة- يضحك إليهم ربك، وإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه) هذا أفضل الشهداء.

وعن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: (يا رسول الله! ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهداء؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة).

أي: بلمعان السيف، في ضوء القمر وضوء الشمس فوق رأسه كفى بها فتنة، فاستعاض الله عز وجل بفتنة القبر للشهيد فتنة هذا السيف ثم ثبته الله عز وجل في الفتنة.

وعن عقبة بن عامر: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من صرع عن دابته في سبيل الله فهو شهيد).

أي: الذي يقع عن دابته في القتال فهو شهيد، وقيده: (في سبيل الله) حتى وإن لم يشارك في القتال، وإن لم يكن هذا الموت بأيدي الأعداء.

وعن محمد بن عبد الله بن جحش أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! إن قتلت في سبيل الله؟ -كأنه قال: ما لي؟ - قال النبي صلى الله عليه وسلم: لك الجنة.

فلما ولى قال: لا إلا الدين.

سارني به جبريل).

إذاً: الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين، كما جاء في روايات كثيرة.

عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: اختلف عامر ومرحب، وعامر هو ابن الأكوع، وهو أخو سلمة، ومرحب هو ابن ملك خيبر اليهودي، وعائلة الأكوع كلها كانت قوية أبدانهم.

ذكر أن سلمة بن الأكوع حينما دخل الكوفة قال له رجل من أهل الكوفة: ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقبلها.

قال: فلما وضعها في يدي كأنها خف بعير، وكان سلمة بن الأكوع يغزو أمام المسلمين وكان في مقدمة الجيش لوحده، وكان يجري بفرسه أولاً، وذات مرة تعثر فرسه فجرى على قدميه خلف العدو، وكلما أدرك رجلاً ضربه على قفاه فخر ميتاً، وهو يقول: أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع فعن إياس بن سلمة بن الأكوع قال: قال أبوه: (اختلف عامر ومرحب ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، فرجع السيف على ساقه فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه، قال سلمة: فلقيت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: بطل عمل عامر.

قتل نفسه، فشق ذلك علي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! بطل عمل عامر؟ قال: من قال ذلك؟ قال: يقول ذلك أصحابك.

قال: كذبوا بل له أجره مرتين) إذاً: هو لم يقتل نفسه، وإنما حينما انطلق السيف من يد مرحب وقع في ترس عامر، فأصاب يد عامر في الأكحل الذي نسميه عرق الشريان.