للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكمة من مبالغة النبي صلى الله عليه وسلم في مناشدة ربه النصر يوم بدر]

وقوله: (كذاك مناشدتك ربك) والنشيد: هو رفع الصوت.

وفي رواية: (حسبك مناشدتك ربك) وكلها بمعنى واحد.

أي: بمعنى: كفاك دعاء لربك، فإن الله تعالى منجز لك ما وعدك.

قال: (العلماء: هذه المناشدة إنما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليراه أصحابه بتلك الحال من الذل والخضوع لله عز وجل، فيتواضعون ويذلون ويخضعون، فتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه، مع: أن الدعاء عبادة مستقلة).

كما قال عليه الصلاة والسلام: (الدعاء هو العبادة).

فالدعاء عبادة مستقلة سواء كان للداعي حاجة أو لم يكن له حاجة، فالدعاء عبادة مستقلة.

قال: (وقد كان وعده الله عز وجل إحدى الطائفتين: إما العير، وإما الجيش).

أي: عير التجارة، وأنتم تعلمون أن قافلة المشركين كانت قادمة من الشام، فتلقاها النبي عليه الصلاة والسلام عند ماء بدر، والمعلوم أن العير قد مضت ولم يدركهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم ذهاب، وإنما أدركهم وهم رجوع وإياب، فلم يبق إلا الجيش لأن العير قد انتهت، وقد باعوا تجاراتهم بالشام، وفي حين قدومهم ورجوعهم رجعوا بجيش، أما العير فقد انتهت ومضى أمرها، فهناك اعتقاد جازم ويقين قوي بأن النبي صلى الله عليه وسلم سينتصر في هذه الغزوة؛ لأن الله وعده إحدى الطائفتين، فواحدة ذهبت ولم يبق إلا الثانية، فلا بد أن الله تعالى منجز له ما وعده، فلِم الدعاء إذاً؟

الجواب

لأنه عبادة.

قال: (وقد كان وعد الله تعالى إحدى الطائفتين إما العير وإما الجيش، وكانت العير قد ذهبت وفاتت، فكان على ثقة من حصول الأخرى، وهي أنه يتمكن من رقاب المشركين، ولكن سأل تعجيل ذلك وتنجيزه من غير أذى يلحق المسلمين).