للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم اغتسال المشرك إذا أراد الدخول في الإسلام]

قال: (قوله: (فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل)، قال الشافعية: إذا أراد الكافر الإسلام بادر به ولا يؤخره للاغتسال).

وهذه المسألة محل نزاع.

هل الغسل يلزم أولاً لمن أراد أن يدخل في الإسلام ويترك الكفر، أو ينطق بالشهادة أولاً ثم يغتسل بعد النطق؟

الجواب

ينطق بالشهادة أولاً، ولكن الرواية التي بين أيدينا تقول: أنه انطلق إلى نخل فاغتسل، وأتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبد الله ورسوله.

أي: أنه اغتسل أولاً وكان بين الغسل وبين النطق بالشهادة وقت، عندما أتى من هذا النخل ودخل المسجد فشهد الشهادتين.

والمضمون: أنه ربما يكون نطق بالشهادة قبل الاغتسال، أو بعد الاغتسال مباشرة، ثم جددها بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام.

قال: (ولا يحل لأحد أن يأذن له في تأخيره، بل يبادر به ثم يغتسل).

فلو أن إنساناً أراد أن يسلم الآن فنقول له: اذهب إلى الحمامات اغتسل ثم ائتنا، فلما ذهب إلى الحمامات مات، فالذي يتحمل إثم الرجل هو الرجل الذي أفتاه.

قال: (ولا يحل لأحد أن يأذن له في تأخيره، بل يبادر بالنطق بالشهادتين ثم يغتسل.

ومذهبنا: أن اغتساله واجب إن كان عليه جنابة في الشرك).

أي: إن أسلم في حال كونه جنباً، فالاغتسال واجب سواء كان اغتسل منها أم لا.

قال: (وقال بعض أصحابنا: إن كان اغتسل أجزأه وإلا وجب).

أي: بعض الشافعية يقولون: إن اغتسل من الجنابة أجزأه هذا الغسل وإن كان قبل النطق بالشهادة، وإلا صار واجباً عليه بعد النطق بها.

إن هذا الأمر أصله الدخول في الإسلام، وأنه يجب ما كان قبله، لكنه لا يجب الجنابة، وإنما يلزمه إذا لم يكن قد اغتسل منها قبل الإسلام، فبعض أهل العلم قالوا: يجزئه هذا الاغتسال ولا يلزمه الغسل بعد النطق ولا قبله.

ومنهم من قال: إذا كان على جنابة اغتسل منها أو لم يغتسل منها قبل النطق لزمه الاغتسال بعد النطق بالشهادة، وإن كان عليه جنابة وأسلم قبل الاغتسال فيلزمه قولاً واحداً أن يغتسل بعد النطق بشهادة الإسلام.

قال: (وقال بعض أصحابنا: إن كان قد غسل أجزأه وإلا وجب.

وقال بعض أصحابنا وبعض المالكية: لا غسل عليه، ويسقط حكم الجنابة بالإسلام كما تسقط الذنوب).

لكن في الحقيقة الجنابة ليست ذنباً، والذي يُجب ويُغفر هو الذنوب، وأعظم الذنوب الكفر والشرك، فهذا الكلام لا يستقيم.

قال: (وضعّفوا هذا بالوضوء فإنه يلزمه بالإجماع، ولا يقال: يسقط أثر الحدث بالإسلام، هذا كله إذا كان أجنب في الكفر، أما إذا لم يجنب أصلاً ثم أسلم فالغسل مستحب له إذا بلغ الحلم)، والذي يجنب هو الذي بلغ؛ لأن الجنابة والمني أحد علامات البلوغ، بل أعظم علامات البلوغ.

هب أن رجلاً أسلم قبل البلوغ هل يجب عليه الغسل؟

الجواب

لا يجب، بل يستحب له الغسل.

وهذا مذهب الجماهير.

أما أحمد فقال: يجب عليه الغسل كما لو كان بالغاً.

أما النخل الذي انطلق إليه ثمامة فهو ماء قليل منبعث من الأرض.

وقيل: ماء جار.