للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم الوفاء بالنذر إذا كان طاعة أو معصية أو مباحاً

قال النووي: (أجمع المسلمون على صحة النذر، ووجوب الوفاء به إذا كان الملتزم طاعة)، ودليله: (من نذر أن يطيع الله فليطعه).

وهذا فعل أمر، ونذر الطاعة يخرج منه الحرام والمكروه، فهذا نذر حلال، ومحله الحلال من جهة الناذر والمنذور، كأن يكون المنذور ذبح شاة، فذبح الشاة حلال، بخلاف ما لو قال: لو أن الله تعالى شفى مريضي فله علي أن أذبح خنزيراً، فهذا لا يلزمه، فإما أن يكفر عن محل هذا النذر بذبح شاة مكان الخنزير؛ لأن الخنزير مثل الشاة، أو يكفر كفارة يمين.

قال: (أجمع المسلمون على صحة النذر ووجوب الوفاء به إذا كان الملتزَم -الذي هو محل النذر- طاعة، وأما إذا نذر في معصية تتحقق له، أو تقرب إلى الله بمعصية وهي محل النذر فإنه لا يلزمه الوفاء، بل يلزمه الكفارة والتوبة.

فإن نذر معصية أو مباحاًَ، كدخول السوق مثلاً لم ينعقد نذره، ولا كفارة عليه عند مالك، وبه قال جمهور العلماء، وقال أحمد وطائفة: فيه كفارة يمين).

أي: أنه لو نذر نذراً لم يصادف محلاً فليس عليه شيء، فلو جاء شخص وقال: لله علي إن فعل بي كذا وكذا لأذبحن الشاة التي في بيتي، فلما ذهب إلى بيته وجد الشاة قد ماتت فهذا النذر لم يصادف محلاً؛ لأنه لما نذر ماتت الشاة دون أن يدري، ونذره وقع على شاة بعينها، وكان صادقاً في أن يتقرب بها إلى الله عز وجل، فلما أراد أن يوفي بالنذر وجد الشاة قد ماتت بغير إرادته، فلا يلزمه ذلك؛ لأن نذره انصب على شاة بعينها، بخلاف ما لو قال: لله علي إن فعل كذا لأتقربن إليه بشاة، فيجزئه أن يقدم شاة من بيته أو أي شاة غيرها.

قال: (فإذا نذر معصية أو مباحاً كدخول السوق لم ينعقد نذره)، أي: لم ينعقد نذره في جانب المعصية.

قال: (ولا كفارة عليه في نذر المباح).

وهذا عند الشافعية والجمهور، وأما الظاهرية والحنابلة فيقولون: في نذر المعصية ونذر المباح الذي لم يتمكن من فعله كفارة يمين.

وهذا أحوط.