للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرح حديث: (وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا خلف بن هشام -وهو ابن ثعلب البزار المقرئ - وقتيبة بن سعيد ويحيى بن حبيب الحارثي واللفظ لـ خلف، قالوا -أي: جميعاً-: حدثنا حماد بن زيد -إمام البصرة- عن غيلان بن جرير -وهو المعولي الأزدي البصري - عن أبي بردة عن أبي موسى قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله)] أي: جئت في جماعة من بني قومي نطلب منه أن يحملنا، وأن يزودنا للقتال بالبعير التي نركب عليها، وبالزاد والمال الذي ننفقه في أثناء غزونا.

قوله: [(فقال: والله لا أحملكم! -وهذا قسم- ثم قال: وما عندي ما أحملكم عليه)] أولاً: أقسم عليه الصلاة والسلام أنه لا يحملهم، ثم أخبر بعد ذلك عن نفسه أنه ليس عنده ما يحملهم عليه.

قوله: [(قال -أي: أبو موسى الأشعري -: فلبثنا ما شاء الله، ثم أُتي بإبل)] أي: ثم جاء صاحب إبل فدفع إبله إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: [(فأمر لنا بثلاث ذود)] أي: أمر النبي عليه الصلاة والسلام للأشعريين بثلاثة أبعرة.

ثم قال: [(غر الذرى)] الغر: هو الأبيض اللاشية، والذرى من الذروة، وهي أعلى شيء، وهو في الإبل السنام، فكأنه قال: فزودني عليه الصلاة والسلام بثلاثة أبعرة أسنمتها بيضاء.

قوله: [(فلما انطلقنا قلنا -أي: فلما أخذنا هذه الأبعرة- أو قال بعضنا لبعض: لا يبارك الله لنا؛ أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله، فحلف ألا يحملنا، ثم حملنا -أي: بعد قسمه- قوله: فأتوه فأخبروه)] بما تحرجوا منه، أنه حلف أولاً ألا يحملهم، ثم هو بعد ذلك عليه الصلاة والسلام حملهم، فخشوا أن يكون هذا عن غفلة أو نسيان منه عليه الصلاة والسلام، وأنهم السبب في حنثه عليه الصلاة والسلام، فخشوا من ذلك ألا يبارك الله تعالى لهم في ذلك.

قال: [(فأتوه فأخبروه؛ فقال: ما أنا حملتكم)] أي: لست أنا الذي حملتكم من مالي، وإنما الذي حملكم هو الله عز وجل.

قوله: [(فقال: ما أنا حملتكم، ولكن الله حملكم، وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير)] يعني: لو فرض أن النبي عليه الصلاة والسلام حلف ألا يحملهم، ثم وجد عنده ومن ماله الخاص ما يحملهم عليه؛ فهذا لا يمنعه أن يأتي الذي هو خير، وأن يكفر عن يمينه، ثم يحملهم، ولكن الذي حملهم هو الله عز وجل.