للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من فوائد حديث أبي هريرة في طواف سليمان بن داود على نسائه في ليلة واحدة]

قال الإمام النووي: (في هذا الحديث فوائد: منها: أنه يستحب للإنسان إذا قال: سأفعل كذا أن يقول: إن شاء الله؛ لقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:٢٣ - ٢٤]).

واستخدام المشيئة دائماً يكون في أمر مستقبلي، بخلاف الحمد فإنه في أمر قد مضى.

فمثلاً: لا تقل: أنا فعلت كذا بالأمس إن شاء الله؛ لأنه لا وجه له؛ لكن تقول: أنا فعلت كذا بالأمس والحمد لله، فهو كلام مستقيم جملة وتفصيلاً، ولا تقل: أنا سأفعل كذا غداً والحمد لله، بل قل: أنا سأفعل كذا غداً بإذن الله، أو بمشيئة الله، أو إن شاء الله.

إذاً: فتعليق العمل على المشيئة يكون في أمر مستقبلي، أما إذا كان في الماضي فإنه يتعلق بالحمد.

ثم قال: (ومنها: أنه إذا حلف وقال متصلاً بيمينه: إن شاء الله تعالى؛ لم يحنث بفعله المحلوف عليه، وأن الاستثناء يمنع انعقاد اليمين؛ لقوله في هذا الحديث: (لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركاً لحاجته)).

هنا يذكر شرطاً مهماً، وهذا الشرط محل اتفاق، وهو أنه لو وصل الاستثناء بالحلف، فقال: والله العظيم لأفعلن كذا يوم الجمعة القادمة إن شاء الله، فهذا لم يقع فيه نزاع، إذا لم يفصل بين اليمين والاستثناء فإنه لا ينعقد به يمين، ولا يحنث لمخالفة هذا اليمين، لكن لو قال لولده: والله لو فعلت كذا لأضربنك، وفي اليوم التالي قال: إن شاء الله، فلا يصح، أما لو قال لولده: والله لو فعلت كذا لأضربنك إن شاء الله، ففعل الولد المحلوف عليه؛ فلا يلزم الأب هذا اليمين، ولو ترك الضرب لولده لم يحنث؛ لأنه علق الضرب على مشيئة الله، وقد شاء الله ألا يضربه؛ فلا يحنث بهذا اليمين، ولا تلزمه الكفارة.