للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث يعلى بن أمية فيما يلبسه المحرم]

قال: [حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا همام]، وهو ابن يحيى بن دينار العوذي البصري، وهو ثقة في العموم، وابن جريج ثقة في العموم، لكن إذا روى همام عن ابن جريج -وكلاهما أخرج له مسلم - فلا يكون هذا الإسناد على شرط مسلم؛ لأن همام بن يحيى العوذي ضعيف في ابن جريج خاصة، فلو جاء همام عن ابن جريج في إسناد فاعرف أن هذا الاسناد لا يمكن أن يكون في صحيح مسلم، وإن كان مسلم روى لكليهما واحتج بهما، ولكن ليس من رواية أحدهما عن الآخر.

قال: [حدثنا عطاء بن أبي رباح -وهو تابعي- عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة -والجعرانة: اسم مكان قبل مكة بستة عشر كيلو متر- عليه جبة وعليها خلوق -يعني: طيب من زعفران اسمه خلوق بفتح الخاء- أو قال: أثر صفرة].

يعني: كان متضمخاً ومتخلطاً بالطيب، ولكثرته كانت له علامات وآثار في ثيابه صفراء.

قال: [فقال: كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فستر بثوب].

يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجبه على سؤاله؛ لأن الوحي نزل عليه عليه الصلاة والسلام بمجرد أن سئل هذا السؤال، وكان إذا نزل عليه الوحي عليه الصلاة والسلام ستره أصحابه بثوبه.

قال: [وكان يعلى يقول: وددت أني أرى النبي صلى الله عليه وسلم وقد نزل عليه الوحي، قال: فقال: أيسرك أن تنظر إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقد أنزل عليه الوحي؟].

وهذا الحديث لم يبين من قال ذلك لـ يعلى بن أمية، ولكن الروايات التي تلت هذه الرواية بينت أن القائل لـ يعلى بن أمية هذا الكلام هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر هو الذي ستر النبي عليه الصلاة والسلام بثوبه.

قال: [فرفع عمر طرف الثوب -أي: الذي ستر به النبي عليه الصلاة والسلام- فنظرت إليه له غطيط]، أي: نظر يعلى بن أمية من تحت طرف الثوب إلى النبي عليه الصلاة والسلام وله غطيط، والغطيط: هو النفس الذي يتردد ويتحشرج في صدر المرء.

قال: [وأحسبه قال: كغطيط البكر].

والبكر: هو الفتي من الإبل، فقد كان يصدر من النبي عليه الصلاة والسلام صوتاً حين ينزل عليه الوحي -وهذا من شدة الوحي عليه- يشبه صوت الفتي من الإبل.

قال: [فلما سري عنه -أي: فلما كشف عنه الكرب، ورجع إلى ما كان عليه قبل نزول الوحي- قال: (أين السائل عن العمرة)].

والتقدير: أن السائل قال: هأنذا يا رسول الله! فقال النبي عليه الصلاة والسلام: [(اغسل عنك أثر الصفرة).

يعني: هذا اللون والطيب الذي أثر في ثوبك، أو قال: (أثر الخلوق، واخلع عنك جبتك -وهو نوع لباس يشبه القميص- واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك)].

وكأن هذا الرجل كان يعلم كيف يحج، وكأنه قد حج من قبل مفرداً؛ لأن المتمتع والقارن كلاهما يعتمر أولاً، فالمتمتع يعتمر ثم يخلع ملابس الإحرام حتى يحج، والعمرة دخلت في الحج إلى قيام الساعة، والمفرد لا يلزمه العمرة، ولذلك سمي مفرداً؛ لأنه أفرد الحج بالنسك، فهذا الرجل كأنه حج من قبل مفرداً ويعلم كيف يحج، ولكنه لم يعتمر، فظن أن العمرة في هيئتها ووقتها تختلف عن الحج، ولذلك قال النبي عليه السلام: (اغسل عنك أثر الصفرة، واخلع عنك الجبة، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك).

ولم يسأله عن كيفية الحج؛ لأنه سبق أن حج، أو أنه يعلم ما قد فرض عليه في الحج، فأحاله النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما هو معلوم لديه، ولكنه بين له ما وقع فيه من محرمات، وهي أنه لبس الجبة وتطيب بعد أن أحرم من الميقات، وكلاهما يحرم على المحرم.

قال: [وحدثنا ابن أبي عمر -وهو محمد بن يحيى العدني نزيل مكة- قال: حدثنا سفيان]، وإذا قال ابن أبي عمر: حدثنا سفيان فإنما هو ابن عيينة، وابن عيينة من علماء مكة، وذاك عدني من عدن ونزل مكة، فطبيعي أنه يروي عن سفيان بن عيينة المكي.

قال: [عن عمرو].

والقاعدة أنه إذا حدث سفيان عن عمرو فـ سفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار المكي.

قال: [عن عطاء -وهو ابن أبي رباح - عن صفوان بن يعلى عن أبيه -وهو يعلى بن أمية - قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل وهو بالجعرانة وأنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعليه مقطعات، يعنى: جبة