للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث ابن عمر في صفة تلبية النبي]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال: قرأت على مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)]، النبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه أنه لبى بغير هذه الكلمات، فمن أراد أن يتمسك بهذا فلا شك أنه تمسك بالأصل، وهو قوله المرفوع إليه عليه الصلاة والسلام وفعله كذلك؛ لأنه أمر بذلك.

قال نافع: [وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها -أي: يزيد في التلبية- وهي قوله: (لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل)]، وهذا مسنون وجائز، فإن فعلته فهو جائز مشروع، ولا حرج عليك ألا تفعله، وتتمسك بتلبية النبي عليه الصلاة والسلام، ولا بأس أن تجمع هذه التلبية إلى تلبيته عليه الصلاة والسلام.

قال: [حدثنا محمد بن عباد -وهو ابن الزبرقان المكي نزيل بغداد- قال: حدثنا حاتم -وهو ابن إسماعيل المدني أبو إسماعيل وأصله من الكوفة- عن موسى بن عقبة -وهو الإمام الكبير الفقيه بالمغازي صاحب السير، وهو أسدي مولى آل الزبير- عن سالم بن عبد الله بن عمر -وهو سالم المدني، ابن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما- ونافع مولى عبد الله بن عمر وحمزة بن عبد الله] أي: حمزة بن عبد الله بن عمر.

إذاً: سالم وأخوه حمزة والمولى نافع جميعاً يروون عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

قال: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة) يعني: قامت ونهضت من بروكها، وذلك عند مسجد ذي الحليفة، ميقات أهل المدينة، فهذا يدلنا على أن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يحرم ولا يلبي إلا بعد أن تقوم به راحلته وتستوي تماماً، حينئذٍ يقول: (لبيك اللهم حجة، لبيك اللهم عمرة، ثم يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)؛ وهذا يعمل به كثير من الناس، وبه قال أهل العلم، لكن الراجح ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام أنه ما كان يحرم بالنسك إلا بعد أن يدخل المسجد فيصلي فيه ثم ينطلق فيركب الراحلة من أمام المسجد ثم يحرم ويلبي بعد ذلك.

كثير من الناس يدخلون مسجد ذي الحليفة أو في أي مسجد من مساجد المواقيت فيغتسلون ثم يصلون ركعتين، أو يصلون الفرض إذا وافق فرضاً، ثم بعد التسليم مباشرة يهلون ويحرمون فيقولون: لبيك اللهم عمرة، أو لبيك اللهم حجة، وهذا وإن كان جائزاً لكنه خلاف الأولى، والأولى هو فعله عليه الصلاة والسلام، حيث كان يصلي ثم يخرج من المسجد ويركب الراحلة ثم يأمرها بالقيام فتقوم، حتى إذا استوت قال: لبيك اللهم عمرة أو حجة، أو يجمع بينهما؛ لأنه عليه الصلاة والسلام اعتمر أربع مرات، وحج مرة واحدة، وكان حجه قراناً يعني: قرن بين العمرة والحج، وساق الهدي من ميقات ذي الحليفة وأدخله معه منى.

قال: [(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل -يعني: بعد أن تستوي تماماً يحرم- فقال: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).

قال: [قالوا -أي: حمزة ونافع وسالم - وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم].

يعني: هذه الكلمات الماضية أو السالفة هي التي لبى بها النبي عليه الصلاة والسلام.

قال: [قال نافع: وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يزيد مع هذه الكلمات: لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل.

وحدثنا محمد بن المثنى وهو العنزي أبو موسى البصري المعروف بـ الزمن، قال: حدثنا يحيى بن سعيد وهو الأنصاري عن عبيد الله وهو العمري أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تلقفت]-يعني: أخذت الشيء بسرعة-.

التلقف بخلاف الأخذ، التلقف فيه شيء من الخطف والسرعة.

قال: [تلقفت التلبية من في رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني: أخذتها أخذاً سريعاً- فذكر بمثل حديثهم.

وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي المصري قال: أخبرنا ابن وهب وهو عبد الله أخبرني يونس وهو