للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الزيادة في التلبية التي أثبتها ابن عمر عن أبيه]

وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الكلمات، ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل.

إذاً: هذه الزيادة التي زيدت في التلبية، إنما هي من عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر هذا من الخلفاء الراشدين، بل هو أعظم رجل في الدولة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فهو الرجل الثالث في الأمة، والنبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بالاقتداء بالخلفاء الراشدين، فـ عمر لم يكن قد ابتدع في دين الله عز وجل، فإن العبادات توقيفية، وهذا وقف على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر ممن أمرنا بالاستنان بسنته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية يقول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين).

أهل العلم يقولون: الاستنان بسنة الخلفاء الراشدين جميعاً لازمة كلزوم الكتاب والسنة، بمعنى: لو أجمع الخلفاء الأربعة على أمر لصار أمراً لازماً واجباً في حق الأمة كأي نص في كتاب الله أو في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، هذا في حال اجتماع الخلفاء الراشدين على أمر، أما إذا انفرد أحدهم بأمر يتعلق بدين الله عز وجل فإن لم يعلم له مخالف ولم ينكر عليه أحد من الصحابة سواء كان من الخلفاء أو من غيرهم لكان كالإجماع، ولم نجد من الصحابة من خالف عمر بن الخطاب أو أنكر عليه في هذه الزيادة، بل وجدنا من يوافقه على ذلك وهو ولده عبد الله، وعبد الله من صغار الصحابة رضي الله عنه، لكنه من أشد الصحابة التزاماً واتباعاً للسنة، ولولا علمه بجواز هذه الزيادة وأنها مستحبة؛ لأنها صادرة من خليفة من الخلفاء الراشدين المهديين المرضيين عند ربهم المبشرين بالجنة، ولا مخالف له من كبار الصحابة فكان كالإجماع.

فلما علم عبد الله بن عمر أن هذا دين الله عز وجل التزمه وزاد فيه، ولو وقع في قلب عبد الله بن عمر أدنى شك أن هذه الزيادة لا تجوز، وأنها ليست من قول النبي عليه الصلاة والسلام ما قالها، حتى ولو كان القائل بها أباه.

وعمر بن الخطاب كان يهل بإهلال الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم يزيد هذه الزيادة ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك لبيك والرغباء إليك والعمل.