للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أفضل المناسك الثلاثة وصفتها]

فنسك الحج الثلاثة هي: إفراد وتمتع وقران، والتمتع والقران لكل واحد منهما حكم، وأفضل هذه الأنساك الثلاثة التمتع مع أن النبي عليه الصلاة والسلام حج قارناً، لكن الخلاف وقع بين العلماء أيهما أفضل القران أو التمتع، فبعضهم قال: القران؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حج قارناً، والجمهور قال: التمتع وحجته في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي).

وأنتم تعلمون أن القارن يسوق الهدي من الميقات حتى يدخل به مكة، والمتمتع يأخذ هديه من مكة إلى منى، المهم أنه لا يسوق الهدي من الميقات، فالنبي عليه الصلاة والسلام لما دخل مكة واعتمر ومعه الهدي من الميقات من ذو الحليفة قال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي) أي: ما حججت قارناً وإنما حججت متمتعاً.

والصواب: أن التمتع أفضل من القران والإفراد، والثلاثة الأنساك كلها خير وبركة، لكن أخيرها وأبركها التمتع بشهادة النبي عليه الصلاة والسلام، فالذي يتمتع بين العمرة والحج يجمع بينهما، فأنت تنوي من الميقات التمتع وهو الجمع بين العمرة والحج، العمرة تؤدى أولاً، فإذا قلت: لبيك اللهم عمرة وحجاً تمتعاً دخلت مكة فطفت وسعيت وحلقت ثم تتحلل من ملابسك.

ولو أن المتمتع ذهب في شهر شوال فالأفضل له أن يحلق، لكنه إذا ذهب في يوم الثالث أو الرابع أو الخامس من ذي الحجة فالأفضل في حقه أن يقصر؛ لأنه بقي له خمسة أيام وسيأتيه يوم النحر، وهو مطالب بالحلق، فلو أنه حلق بالموس يوم الخامس من ذي الحجة سيحلق ماذا في يوم عشرة ذي الحجة؟ لن يزيل شيئاً.

لكنه لو أتى من أول الأشهر أو في وقت يسمح بسواد رأسه يعني: بنمو شعره ونبته مرة أخرى يكون الحلق أفضل، وهذا الجمع بين كلامي الآن والكلام السابق، فالذي يذهب من هنا متمتعاً ليس عليه أن يلتقط الهدي من الميقات، بل هو سيدخل مكة بغير هدي، وله أن يوكل شركة الراجحي هناك، فإنها تحمل عنك عبء الهدي والذبح والسلخ والطبخ وغير ذلك فهي تفعل كل هذا، وتدفع حوالي ستمائة وخمسين أو ستمائة ريال تقريباً.

ولك أن تذهب وتشهد ذبيحتك بنفسك، وإن كان الأمر فيه مشقة كبيرة لكن ما عندهم مانع؛ لأن الشركة بنفسها تقول لك: تفضل الذبيحة حقك رقم كذا، وتذهب المذبح الأهلي في منى فترى الذبيحة حقك موجودة وفي رقبتها البيانات حقها، واسمك مكتوب على الذبيحة.

فإذا أردت أن تشهد ذبحها وتأخذ هذه الذبيحة كلها بعد الذبح ما هناك مانع، ولك ذلك، ثم تدخل مكة فتطوف بالبيت وتسعى بين الصفا والمروة وتحلق رأسك إذا كنت متقدماً في أشهر الحج، وإذا كنت متأخراً يعني: في شهر ذي الحجة نفسه فالأولى أن تقصر فقط، فإذا فعلت ذلك فقد تحللت من عمرتك، وتلبس ملابسك العادية حتى يوم التروية من أول ما تركب الدابة من بيتك أو من المسجد الحرام أو من أي موضع في مكة تبدأ تنطق بالإهلال من موضعك في البيت أو في الشارع أو في المسجد الحرام نفسه، وتنطلق إلى منى فتؤدي بها المناسك، ثم تؤدي المناسك بعرفة، ثم المزدلفة ثم منى، وإذا نزلت إلى مكة فلك أن تطوف بالبيت وتسعى.

والسعي ليس بلازم وإنما يكفيك الطواف ويجزئ عنك سعيك الأول الذي سعيته وهو سعي القدوم، وهذا في القارن ليس في المتمتع، وإذا لم يفعل الأول لزمه السعي في يوم النحر بعد طواف القدوم، أما المتمتع فإنه يطوف ويسعى قولاً واحداً؛ لأن هذا حج على انفراد، وهذه عمرة على انفراد قد أداها المتمتع، والمتمتع والقارن عليهما هدي بخلاف المفرد فإنه لا هدي عليه، والقارن لا يتحلل من إحرامه بعد أداء العمرة، وإنما يبقى في ملابس الإحرام حتى تنبعث به راحلته يوم التروية إلى منى.