للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منزلة السنة في الدين]

قال: [وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: في أنزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]].

قوله: ((فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ)) أي: ثلاثة أيام، قوله: ((أَوْ صَدَقَةٍ)) أي: إطعام ستة مساكين، قوله: ((أَوْ نُسُكٍ)) أي: الشاة.

إذاً: القرآن الكريم تكلم عن الكفارة إجمالاً والسنة بينته، فالسنة مبينة للكتاب وشارحة ومفصلة، بخلاف من يقول: إننا لا نأخذ إلا من كتاب الله عز وجل.

فهؤلاء إنما دعاهم مرض قلوبهم وفساد ضمائرهم إلى أن يتعلقوا بشبهة هي أوهى من بيت العنكبوت، لكنهم لا يجرءون أن يقولوا: لا نأخذ بالقرآن ولا بالسنة، فقالوا: نأخذ بالقرآن دون السنة، والنبي عليه الصلاة والسلام حذر من هؤلاء، وبين أنهم لابد خارجون، قال: (لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: ما كان في كتاب الله حلالاً أحللناه، وما كان في كتاب الله حراماً حرمناه).

ثم بين النبي عليه الصلاة والسلام عوار هذه الفكرة وفساد هذا الضمير، فقال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) قال ذلك ثلاثاً.

ولذلك فمن جهة المنزلة السنة تأتي في الترتيب الثاني بعد كتاب الله عز وجل.

وأما من جهة الحكم الشرعي فإن السنة مع الكتاب سواءً بسواء، بل أتت السنة -فضلاً عن بيانها للمجمل، أو تفصيلها، أو شرحها لكتاب الله عز وجل- بأحكام انفردت بها، وهذا في معظم أبواب الشريعة، فالسنة أتت بأحكام مستقلة لم تكن في كتاب الله عز وجل إلا على سبيل الأمر الإلزامي والعام في اتباع أمره عليه السلام.

قال: (فيَّ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦] قال: فأتيته فقال: ادنه -أي: اقترب- فدنوت، فقال: ادنه فدنوت، فقال صلى الله عليه وسلم: أيؤذيك هوامك؟ قال: نعم.

قال: فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك ما تيسر) أي: من هذه الثلاث لك أن تتخير ما يمكن أن يكون يسيراً في حقك.