للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحجامة للمحرم وما في ذلك من الأحكام]

قال النووي: (في هذا الحديث دليل على جواز الحجامة للمحرم، وقد أجمع العلماء على جوازها في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك، يعني: لا يجري الحجامة في رأسه إلا إذا كان مضطراً إلى ذلك، وإن قطع الشعر حينئذ فعليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه، واحتجوا بنص الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة:١٩٦]، وفي الغالب الذي يجري الحجامة إنما يجريها لأجل العلة أو المرض، فإذا أجراها لأجل العلة أو المرض، ولكنه أجراها في موضع في بدنه لا يحتاج معه إلى قطع الشعر فلا فدية عليه حينئذ ولا كفارة.

أما إذا أجراها في موضع فيه شعر فاضطر إلى أخذ بعض الشعر أو كله، فإنما عليه الفدية، وهذا الحديث محمول على أن النبي عليه الصلاة والسلام كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس؛ لأنه لا ينفك عن قطع شعره.

أما إذا أراد الحجامة لغير حاجة فإن تضمنت قلع شعره فهي حرام؛ لتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في مواضع لا شعر فيها، فهي جائزة عندنا وعند الجمهور ولا فدية فيها.

وعن ابن عمر: أنهم كرهوها للمحرم بغير عذر.

وعن الحسن البصري قال: فيها الفدية في كل الأحوال، أي: بعذر وبغير عذر).

قال: (وفي هذا الحديث بيان قاعدة من مسائل الإحرام وهي: أن الحلق واللباس وقتل الصيد ونحو ذلك من المحرمات يباح للحاجة وعليه الفدية.

كمن احتاج إلى حلق أو لباس لمرض أو حر أو برد، أو قتل صيد للحاجة وغير ذلك والله أعلم).

ولذلك أهل العلم يفتون بجواز أن يلبس المحرم فوق الإزار والرداء شيئاً يستدفئ به إذا كان الجو شديد البرودة ويخشى معه الهلاك.

وأنتم تعلمون أنه لا يحل للمحرم أن يلبس إلا الإزار والرداء، وفي شدة البرد القارس لا شك أن المرء يخشى على نفسه الهلكة، فإذا استدفأ بشيء آخر فله ذلك مع وجوب الفدية.