للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب وجوب المبيت بمنى]

قال: [باب وجوب المبيت بمنى].

اعلم أن المبيت بمنى واجب، الذي هو ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، لكن هذا الوجوب ينسحب على من بقي في المكان ولو جزءاً يسيراً من الليل.

فاللغة والشرع يسمحان بإطلاق لفظ المبيت على من أدرك المبيت بمنى، ولو جزءاً يسيراً من الليل.

ثم اختلفوا هل هذا الجزء اليسير يكون في أول الليل أم في آخره؟ ومن تمكن من البقاء والمبيت بمنى من أول الليل فهذا بلا شك أولى، وأخرج له من الخلاف، وإذا لم يتمكن إلا من البقاء في منى جزءاً يسيراً من الليل من أوله أو من آخره، ما دام أنه لم يتمكن من ذلك إلا على هذا النحو فإنه يجبره.

وهذه المسألة ستقابلها في منى، فإن بقاءك في النهار ليس بلازم؛ لأن القصد أن ترمي الجمرات الثلاث بعد الزوال.

فبقاؤك من الفجر إلى الظهر في منى ليس بلازم، بإمكانك أن تنطلق خارج منى، وبقاؤك بعد الزوال إلى غروب الشمس ليس بلازم، إنما لأجل رمي العقبات الثلاث، فإذا رميتها بعد الزوال ثم انطلقت إلى مكة لتحظى بفضل وثواب الصلاة في المسجد الحرام فلك ذلك، يعني أن تذهب فتصلي العصر هناك، ولا بأس أن تصلي المغرب والعشاء هناك، فتكون صليت العصر والمغرب والعشاء، والصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، أي: بثلاثمائة ألف صلاة، يعني: بحوالي مائة وخمسين ألف يوم في الحياة العادية، أو بمائتي ألف يوم في الحياة العادية لو أن الله تقبل ذلك وأثابك عليه.

والمبيت في منى أفضل من المبيت بالمسجد الحرام؛ لأن المبيت بالمسجد الحرام لا فضل فيه غير الأمن والأمان، مع أن الأمن والأمان في موسم الحج عموماً، أو في بيت الله عموماً سواءً كان ذلك بالليل أو بالنهار.

أما إدراك المبيت في منى فإن بعض أهل العلم ذكر أن المبيت لا يكون إلا بإدراك أول الليل، وبعضهم قال: بل آخر الليل يجزئه، ولكن الأحوط أن يحرص الحاج أن يكون من أول الليل إلى آخره في منى حتى يخرج من هذا الخلاف، لكن إذا لم يتمكن إلا بالوقوف ولو ساعة من آخر الليل، أو من أوله فلا حرج عليه إلا أهل السقاية، وهم الذين يخدمون الحجيج بشربهم وطعامهم وغير ذلك بغير عوض.

كان العباس يستأذن النبي عليه الصلاة والسلام عدم المبيت بمنى لقيامه على أمر السقاية للحجيج، والحمد لله السقاية في الحج الآن على أعلى مستوى.