للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر شيء من أوصاف الجنة وما أعد الله فيها للمؤمنين]

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة كيف هي؟) يعني: صفها لنا، (قال: من يدخل الجنة يحيا فيها لا يموت)، يعني: يحيا حياة أبدية دائمة لا موت فيها، كما في الحديث الآخر: (خلق الله الجنة والنار، وجعل لكل قسماً، وقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت).

قال: (من يدخل الجنة يحيا لا يموت، وينعم فيها لا يبأس، لا تبلى ثيابه -يعني: لا تتسخ- ولا يفنى شبابه، قيل: يا رسول الله! كيف بناؤها؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: لبنة من ذهب ولبنة من فضة) يعني: طوبة من ذهب وطوبة من فضة، (ملاطها مسك أذفر)، الملاط الذي هو بمثابة الأسمنت الذي يعمل على تماسك اللبنات: (وحصباؤها اللؤلؤ، والياقوت، وترابها الزعفران).

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم -أي: إلى اليمن- قال: يا أيها الناس إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، واعلموا أن المرد إلى الجنة أو إلى النار خلود بلا موت)، أي: في الجنة والنار خلود بلا موت، (وإقامة لا ظعن)، أي: لا سير منها.

وقال له عليه الصلاة والسلام: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب -يعني: يهوداً ونصارى- فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) حتى عدد له بقية شرائع الإسلام، وهذا يدل على أهمية ترتيب الأهم فالأهم، وأولويات الدعوة إلى الله عز وجل.

ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة وغيره في الصحيحين: (الإسلام بضع وستون)، وفي رواية: (بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)، فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الإيمان أو الإسلام شعب.

وعن مجاهد بن جبر المكي الإمام الكبير تلميذ ابن عباس رضي الله عنه قال: في قول الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر:٣٤]، قال: حزن الموت، أمنوا أن يموتوا بعد ذلك.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال: النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله بنى جنات عدن بيده)، الجنات متعددة منها: جنة عدن، وقيل: عدن جنات كثيرة، فإما أنها ذكرت بجنات على سبيل التعظيم والتشريف، وإما أنها درجات كثيرة أو جنات متعددة.

فقوله: (إن الله بنى جنات عدن بيده)، هذه خاصية لها كما خلق الله عز وجل آدم بيده، وكتب التوراة لموسى بيده، وهذه ثلاث مخلوقات باشر الله تبارك وتعالى خلقها بيده تشريفاً لها، ثم قال: (وبناها لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وجعل ملاطها المسك الأذفر -أو الإذفر- وترابها الزعفران، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت).

وفي الجنة نعيم أعظم من هذا كله وهو النظر إلى وجه الله الكريم في كل أسبوع مرة وهو يوم الجمعة، الذي يسمى في الآخرة: يوم المزيد، أي: يزداد فيه المؤمنون بهاءً وحسناً وجمالاً؛ بسبب النظر إلى وجه الله الكريم.

قال: (ثم قال الله لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون، ثم عددت صفات المؤمنين، فقالت الملائكة: طوبى لك منزل الملوك) إذاً: الملك الحقيقي هو من حرص على دخول الجنة؛ لأن الجنة منزل الملوك.

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (جنتان من ذهب، وجنتان من فضة)، فجنات الفردوس أربع: جنتان بناؤهما من الذهب، وجنتان بناؤهما من الفضة، وكذا بالنسبة للحلي والأواني، والتراب، والحصباء وغير ذلك.

وعن أبي موسى رضي الله عنه في قول الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:٤٦] قال: جنتان من ذهب للسابقين، وجنتان من فضة للتابعين، أي: للتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم -أي: أهل هذه الجنات- وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنات عدن).

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (جنتان من ذهب للمقربين) أو قال: (للسابقين، وجنتان من ورق) الورق بكسر الراء هي الفضة، (لأصحاب اليمين).

وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يحشر الناس يوم