للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم العمل بالقرعة عند الهم بأي أمر من الأمور]

السؤال

هل يجوز للمرء أن يعمل القرعة، أي: يأخذ ورقة ويكتب فيها: أفعل ولا أفعل ثم يقوم بالسحب، فهل هذا من الشؤم؟

الجواب

يعني: واحد في هذا الوقت يريد أن يسافر الإسكندرية وهو متردد ماذا يصنع؟ فيقول: سأكتب ورقتين، ورقة منهما مكتوب عليها أسافر، والورقة الأخرى لا أسافر، ثم يبدأ عملية السحب على المكشوف، فإذا طلعت ورقة لا تسافر لن يسافر، وإذا طلعت سافر فإنه يسافر، هذا من الشؤم، وهذا من طيرة الجاهلية، هو لم يستقسم بالأزلام من غير يمين، لكن أنا أدلك على ما هو خير لك من هذا، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كان هذا الأمر) مثلاً: سفري إلى الإسكندرية، أو زواجي من فلانة، أو الموضوع الفلاني أو العلاني (خيراً لي في ديني، ومعاشي، ومعادي، وعاقبة أمري آجله وعاجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كان هذا الأمر -ويسميه- شراً لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري آجله وعاجله فاصرفه عني واصرفني عنه، ثم اقدر لي الخير حيث كان ورضني به)، وهذا يسمى بدعاء الاستخارة، فالمرء إذا هم بأمر من أموره وهو لا يدري وجه الخير والشر فيه فيصلي ركعتين، أو يدعو بعد النوافل المطلقة أو الراتبة، يدعو بعد نافلة أو بعد سنة العشاء، أو سنة المغرب، أو بعد ركعتين من الليل، أو في أي وقت، ولا بأس أن تتكلف أن تصلي ركعتين إذا كان الأمر يستحق ذلك ولو كان ذلك في وقت الكراهة؛ لأن النهي عن الصلاة في وقت الكراهة محمول على مطلق النوافل، أما صلاة لها سبب -وهذا مذهب الشافعي - فلا بأس في ذلك وهو الذي نرجحه دائماً.

وكان الصحابة رضي الله عنهم يبالغون جداً في الاستخارة، حتى ورد أنهم كانوا يستخيرون الله تعالى في شراك نعالهم، في أقل أمورهم وأحوالهم كانوا يستخيرون الله عز وجل، واعلم أن الاستخارة لا أمارات ولا علامات لها؛ فالحديث لم يبين أن الطريق لقبول الأمر ورده أن ترى ذلك في المنام، أو أن ينشرح لذلك صدرك أو لم ينشرح، أو تجد نوراً في قلبك أم لا، كل هذا الكلام من اختراع الناس، وإنما أنت تقول: (إن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني ومعاشي فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه)، فمثلاً: أنا أريد أن أتزوج بنت فلان، فاستخرت الله قبل أن أذهب وبعده، وقبل أن أرى وبعد ذلك، فلا أقول بعد ذلك: أنا لن أذهب إلى هذا الرجل ولن أمشي في الموضوع إلا لما أرى رؤيا، بل أذهب ولو قدر الله لي وقد سبق في علمه أن هذا الزواج خير لي فسييسره، وإذا كان ربنا لم يرد ذلك فسيجعل الأمر غير ميسر ويجعل الباب مقفلاً.