للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم الغناء]

السؤال

ما حكم الغناء؟ علماً أنني تناظرت مع أحد طلبة جامعة الأزهر حول ذلك.

الجواب

كنت أتمنى أنني لم أقرأ السؤال ما دام الحوار مع طالب أزهري يذهب إلى حل الخمر، والميسر، والخنزير، والغناء، مع أن الأدلة من الكتاب والسنة أمام عينيه، فطلبة ومشايخ وأساتذة الأزهر لا يكادون يحرمون شيئاً، ها أنتم تعرفون أكبر طربوش لا يحرم أي شيء، وطوال عمره لم يقل على شيء حرام أنه حرام، بل كل شيء عنده حلال، حتى إن الربا عنده حلال وغير ذلك.

والذي أقل منه وأدنى منه في المرتبة والمنزلة الأصل أنه لا يحرم شيئاً، فهو أستاذ كبير جداً، ورئيس قسم العقيدة، لما ذهبت معه في مدينة ناصر رأيته ومعه السيجارة وهو لابس للشورت، فهو لم يأخذ بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (الفخذ عورة)، ولم يأخذ بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه) ولم يسمع حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (كل مسكر ومفتر حرام)، والسجائر تفتر، وهو يقول: أنا لن أهدأ إلا لما أشرب السيجارة، العوام الذين يشربون السجائر يقرون بأن السجائر حرام، والذين يسمعون الأغاني والموسيقى يعلمون أنهما حرام، وكثير من مشايخ الأزهر إلا من رحم الله لا يذهب إلى حرمة شيء من ذلك، أقسم بالله العظيم أن منهم من ينازع في الوسكي والشنبانيا، ويقول: لابد أن يكون مكتوباً عليها (خمراً)، وسكي وشنبانيا هذه ليست خمراً! ويتعنت في ذلك، ومثله كمثل رجل في رابعة النهار ينظر إلى الشمس ويقول: أين الشمس؟ نقول له: هذه هي الشمس، فيقول: ما الدليل على أن هذه شمس؟ هذا قمر، فلا يستطيع أحد أن يعطيه دليلاً أن هذه هي الشمس لأنه إنسان فقد عقله تماماً.

والنبي عليه الصلاة والسلام كما أورد ذلك البخاري معلقاً بصيغة الجزم قال: (يأتي زمان على أمتي يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف)، وكلمة (يستحلون) معناها: أن هذه الأمور ليست حلالاً وإنما هي حرام، و (الحر) هو الزنا، (والحرير) محرم للرجال دون النساء، (والخمر): يسمونها بغير اسمها من أجل أن يهربوا من حرمتها، (والمعازف) هي آلات اللهو والطرب.

كان عبد الله بن عمر رضي الله عنه إذا ذهب إلى واد أو قرية أو بلد أخذ معه مولاه نافعاً، وكان إذا سمع غناء وضع أصبعيه في أذنيه حتى إذا عبر هذا الموطن قال: يا نافع أتسمع شيئاً؟ فإن قال: لا، أخرج أصبعيه؛ لأن الغناء مزمار الشيطان، والموسيقى مزمار الشيطان كذلك، وبعض الأخوات أو الإخوة يقرءون في الكتب التي اعتنت بتربية الأطفال وكتبها أهل الغرب ومنها النافع ومنها الضار، ولكنهم يأخذون منها النافع والضار على السواء، وكثيراً ما ينصح الأطباء الغربيين ومن لا دين لهم ولا خلاق لهم بسماع الموسيقى الهادئة من أجل أن يهدأ الطفل، والطفل سيظل يتعود على هذه الموسيقى إلى أن يصبح كبيراً، ومن شب على شيء شاب عليه، والطفل على ما عودته، إن عودته الطاعة اعتاد الطاعة، وإن عودته المعصية اعتاد المعصية، وفي هذا الوقت عندما تقول لواحد: بالله عليك السجائر التي تشربها حلال أم حرام؟ يقول لك: والله أنا عارف أنها حرام، وادع لي يا شيخ أن الله يخلصني منها، فأنا محتاج إليها، لا أستطيع تركها، لأنها تركت أثراً عظيماً جداً في الدم والمخ والعظم واللحم فلا يقوى على ذلك، وأنا مقدر هذا الرد، لكن على أية حال هذا لا يكون إلا من إنسان ضعيف العزيمة، وإلا فالصحابة رضي الله عنهم قد شربوا الخمر إلى أمخاخهم، ولما نزل تحريم الخمر امتنعوا جميعاً، والفارق الذي بيننا وبينهم فارق إيماني، فهم لما تربوا على العقيدة الصحيحة وأتاهم تعظيم الله عز وجل، وتعظيم أمره ونهيه، فلما أتاهم النهي عن الخمر انتهوا عن الخمر، وكذا النهي عن الزنا انتهوا عن الزنا، والنهي عن وأد البنات أحياء انتهوا، وغير ذلك من الفظائع والعظائم التي كان يفعلها أهل الجاهلية.

فالغناء حرام؛ لقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [لقمان:٦] يقول ابن مسعود: أقسم بالله، أقسم بالله، أقسم بالله أن لهو الحديث هو الغناء، هل نصدق علماء الأزهر كلهم أم ابن مسعود؟ يأتي هناك في المقابل شبهات وهي: (أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته بعد أن رجع من غزوة خيبر، فوجد جاريتين تغنيان، فقال: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟ وغضب، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا)، وفي رواية عند أبي داود (دخل عمر على النبي عليه الصلاة والسلام وعنده جاريتان تغنيان وليستا بمغنيتين) ولذلك العلماء يقولون: الغناء حلال بشر