للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد: قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: [باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة].

هذا التبويب من الإمام النووي في غاية التوفيق والسداد؛ لأن هذا التبويب يوحي بأن المرء لا بد أن يقع في الذنب، بل هذا نص حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي قال: (والذي نفس محمد بيده! لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم)، فالذنب لا بد أن يقع، إن لم يكن من الكبائر فمن الصغائر حتماً، لكن لست بهذا أعطي بطاقة أو رخصة لكل إنسان أن يذنب، فالمرء قد جبل على أن يقع في الخطأ والتقصير، وإذا وقع في الذنب فمنه ما هو كبير ومنه ما هو صغير، فالكبير قد علمنا حكم مرتكب الكبيرة مراراً وتكراراً، وأما الصغائر فتكفرها الطاعات، من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج، وذكر، وتهليل، وتكبير، وتحميد، وتسبيح، وغيرها من الأعمال التي تكفر السيئات وتمحوها.

كما يعني هذا التبويب أن المرء إذا أحدث ذنباً لا بد أن يحدث له توبة، وهذا معنى قول الله عز وجل: (اعمل ما شئت فقد غفرت لك)، فمهما عمل العبد من ذنب، وما دام أنه يحدث له توبة، فإن الله تعالى يقبل هذه التوبة.

وأقول هذا بمناسبة ذيوع حديث موضوع مشهور بين العامة: (أن الله عز وجل يقول للعبد الذي تاب من ذنبه ثم رجع إليه: فإني لا أتوب على عبدي، وعبدي كالمستهزئ بي)؛ أي: أنه يتوب ثم يرجع في توبته، ويرتكب الذنب الذي تاب منه أو غيره.