للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

الباب الثاني من كتاب الوصايا: قال الإمام: (باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت).

وكأنه يقول: إن ثواب الصدقة ينتفع به الميت، وإن لم يوص بذلك، يعني: لو تصدق عنه وليه أو أحد الناس فإنما ينتفع في أجر الصدقة، وإن لم يكن قد أوصى بها.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر السعدي قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه -والعلاء هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي المدني يروي عن أبي هريرة رضي الله عنه- عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم)].

يعني: هل تنفع أبي الصدقة عنه إما من ماله أو من المال الموروث؟ وذلك لأن المال إذا ورث وانتقل إلى الوارث فهو ليس له، فهل ينتفع الميت إذا تصدق عنه وليه أو غيره من ماله أو من مال الغير هل ينتفع بذلك، ويكفر الله عنه سيئاته بذلك؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: (نعم) وفي هذا دلالة على أن الصدقات تكفر الذنوب؛ ولذلك يسن لمن تاب من ذنب أن يكثر من الصدقات، وأن يكثر من النوافل والطاعات فإن هذا ينفعه، ولو أن عبداً اقترف ذنباً كفارته ليست كفارة مالية فهل ينفعه بعد التكفير عن الذنب أن يتصدق؟

الجواب

نعم.

ينفعه ذلك.

قال: [وحدثنا زهير بن حرب أبو خيثمة النسائي قال: حدثنا يحيى بن سعيد -وهو القطان - عن هشام بن عروة عن أبيه -أي: عروة بن الزبير - عن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها)] ومعنى افتلتت أي: بُغِتَتْ.

ذهبت روحها فجأة ولم توص، مات فجأة بغير سابق إنذار، وهذه من العلل التي يبعثها الله تعالى على عباده إنذاراً لنهاية حياته.

قال: [(وإني أظنها لو تكلمت تصدقت)] لكن لم يكن هناك فرصة قط للكلام؛ لأن الموت أتاها بغتة، فلم يكن هناك وقت يسمح بالوصية، ولا بمجرد الكلام.

قال: [(فلي أجر أن أتصدق عنها؟ قال: نعم)].