للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[موقف سيدنا سليمان من هدية بلقيس]

فلما ذهبت الهدية إلى سليمان رد عليهم رداً سريعاً ولم يستشر أحداً، بل قال: {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل:٣٦].

أي: أنتم الذين تفرحون بمثل هذه الهدايا، فأنتم تهدون إلى الإنسان لتفخروا عليه بهديتكم، ارجعوا بهذا الشيء فإننا لا نقبله منكم، ولنخرجنكم من أرضكم أذلة وأنتم صاغرون، فكأنه قال للرسول أو لكبير القوم الذي جاءه: {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل:٣٧]، فقوله: {وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ} [النمل:٣٧]، فيه قسم من سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، إذ قال: {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ} [النمل:٣٧]، وهذا دليل على القسم؛ لوجود اللام في أول الفعل المضارع، والنون المثقلة في آخره، وكأنه يقول: والله لنخرجنهم منها أذلة، أو {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً} [النمل:٣٧].

فإننا دعوناهم في الخطاب فلم يلبوا، أما الآن فسنخرجهم من هذه الأرض: {أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل:٣٧].

فلما بلغ الأمر إليها إذا بها تتجهز للذهاب إليه، فلم ترد أن يأتي سليمان إليهم فيطردهم من أرضهم، فقالت: نحن نذهب إليه في البداية مستسلمين فيعاملنا معاملة كريمة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>