للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بيان أن من الأدب عدم نسبة الشر إلى الله]

قال الله تبارك وتعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء:٨٣].

وهذا فيه غاية الأدب، فهو لم يقل: مسستني بضر، أو أنزلت بي الضر، والله عز وجل هو الذي يخلق الخير والسقم والبلاء.

والله سبحانه وتعالى ينزل على عبده ما يشاء سبحانه، ولكن من الأدب مع الله أن ينسب العبد النعمة والخير إليه سبحانه، وهو الفاعل لكل شيء سبحانه، فيقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الخير بيديك، والشر ليس إليك) فالخير من عند الله سبحانه، وهو الذي خلق الخير وغيره، ولكن الأدب مع الله سبحانه أن ينسب العبد البلاء إلى نفسه، كما قال إبراهيم: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ} [الشعراء:٧٨ - ٨٠] وهو الذي أمرضه، ولكنه تأدب مع الله سبحانه وتعالى، فقال: {وَإِذَا مَرِضْتُ} [الشعراء:٨٠] فلم ينسبه إلى الله، وإن كان الله عز وجل هو الذي يشفيه، وهو الذي يمرضه سبحانه وتعالى.

وهنا سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام قال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء:٨٣] وهذه قراءة الجمهور.

وقرأها حمزة: (أني مسنيْ الضر وأنت أرحم الراحمين).

فبعد ثماني عشرة سنة طلب من ربه سبحانه أن يكشف عنه البلاء.

مما جاء في الآثار: أن أصحاب أيوب عليه الصلاة والسلام جاءوا إليه فقالوا له: ذلك أنك أذنبت ذنباً لا يعلمه إلا الله عز وجل، قال: فكان أشد ما كان عليه سوء الظن، فسجد لله عز وجل ونادى ربه وقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء:٨٣] فكشف الله عز وجل عنه ذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>