للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من يستجيب الله دعاءهم]

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن)، أي: ثلاث دعوات للإنسان كلما ضاق به الأمر فقال: يا رب! مضطراً، فالله عز وجل يستجيب له، يقول: (دعوة المظلوم)، فالمظلوم إذا ضاق به الأمر ولم يجد من ينصره، فدعا الله عز وجل نصره، قال: (ودعوة المسافر) والمسافر غريب في بلد غير بلده، لا يجد من يعينه، وقد تعود الناس أن يعين الإنسان من يعرفه، من جار أو قريب أو نحوه، أما الغريب فلا يجد أحداً، فقد قطن مكاناً موحشاً فأحب أن يرجع إلى بلده، فيفزع إلى الله عز وجل فيستجيب له.

قال: (ودعوة الوالد على ولده) وبالرغم من أن العادة أن الوالد يدعو لولده والله يستجيب، ولكن دعوة الوالد على ولده لا تأتي إلا إذا ضاق به ذرعاً، كأن يكون عاقاً لأبيه لا يطيعه، فإن دعا عليه استجاب الله لهذه الدعوة.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام- على السحاب- فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين) فنصر المظلوم آت من عند الله سبحانه، ولو تأخرت الاستجابة شيئاً ما في نظر الإنسان؛ ولكنها آتية ولو بعد حين.

يقول الله سبحانه وتعالى في هذا المعنى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ} [يونس:٢٢]، أي: السفينة {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس:٢٢]: بحيث أن الإنسان ينسى نفسه، وينسى ربه سبحانه وتعالى، قال: {وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [يونس:٢٢]، فيفجأهم هذا الهول، ولذلك لابد أن يكون الإنسان في ذكر لله دائماً، يذكر الله في الرخاء، فيذكره الله ويكون معه عند الضراء.

ثم يقول سبحانه: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس:٢٢]، فعندما اشتدت الأمواج والرياح ظنوا أنهم أحيط بهم، قال: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس:٢٢]، ففي الأوقات العصيبة يذكر الإنسان ربه.

ثم يقول سبحانه: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [يونس:٢٣]، فبعد أن يكشف الله عنه الضر الذي هو فيه ينسى ويتناسى، ثم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس:٢٣]، أي: إذا بغيتم أو ظلمتم، رجع عليكم مكركم، وسوء صنيعكم.

لذلك على المؤمن إذا أحب أن يستجيب الله له في وقت البلاء: أن يكثر من الدعاء في وقت الرخاء، وأن يتواضع لله ولخلقه، فالله يحب المتواضعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>