للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (فأما من تاب وآمن)]

قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص:٦٧].

التوبة شرطها أن يرجع الإنسان إلى ربه سبحانه، ويبدل ما كان في عمله من سيئات إلى أعمال صالحة حسنة.

والتائب هو الذي تاب عن كفره، ودخل في الإيمان وعمل صالحاً، وتاب عن ظلمه وآمن وازداد يقيناً وعمل العمل الصالح، قال تعالى: {فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص:٦٧].

أي: عساه عند الله عز وجل أن يجعله من المفلحين، فمناه الله سبحانه بذلك، ووعد الله حق وكلامه صدق.

فمن أتى بهذه الشروط أي: تاب وآمن وعمل صالحاً، يكون من المفلحين، ولماذا قال الله: (عسى) وما قال (يقيناً) ولاقال: (هؤلاء هم المفلحون)؟

و

الجواب

كم من إنسان يظن أنه تائب إلى الله عز وجل ويقول ذلك في نفسه، وقد يخدع الإنسان نفسه، وعلى باله أنه لو عرض له هذا الذنب في يوم من الأيام فإنه سيعمله مرة ثانية، فالتوبة لا تكون صحيحة في قلب الإنسان إذا عجز عن الوقوع في المعصية ثم قال: تبت إليك يا رب، وكذلك إذا لم يقدر على مواجهة أهل الإيمان فيقول: أنا تبت وأسلمت ودخلت في الدين، لكن في قلبه الشك والنفاق ولعله يقع في الكفر بعد ذلك.

فالله عز وجل يتكلم عن الجميع وفيهم المؤمنون الصادقون والمنافقون الذين يظهرون الطاعة ويبطنون المعصية، فيقول: عسى أن يكون هؤلاء من المفلحين.

فأما من آمن حقاً ظاهراً وباطناً فهذا مفلح يقيناً، وأما من آمن في الظاهر أمام الناس ولم يصدق ذلك بقلبه فإنه يوم القيامة يكون مع المنافقين.

إذاً: المفلحون هم الفائزون، والفلاح: الفوز الأبدي والنجاح الذي لا خسران بعده أبداً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>