للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له)]

قال الله سبحانه وتعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت:٦٢].

قوله: ((يَبْسُطُ)) أي: يوسع، ((وَيَقْدِرُ)) أي: يضيق، فالله عز وجل يفعل كل شيء بحساب، كما قال سبحانه وتعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر:٢]، فإذا وسع وفتح وبسط فمن يقدر أن يمسك هذا الرزق؟ وهنا قال: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [العنكبوت:٦٢]، أي: سواء كان مسلماً أو كان كافراً؛ لأن الدنيا لو كانت تساوي شيئاً لم يعط الكفار منها شيئاً، ولكن {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت:٦٢]، والله سبحانه وتعالى يضيق على من يشاء من خلقه، فلا يقل الإنسان: لماذا ربنا وسع لفلان ولماذا ضيق على فلان، مع أن فلاناً جيد ويصلي وهكذا وربنا مضيق عليه في الرزق؟! فهذا أمر الله سبحانه وتعالى؛ فإنه يعطي من يشاء ويمنع من يشاء: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:٢٣]، والدنيا لا تساوي شيئاً، فيضيق على فلان الذي يصلي والذي هو يعمل الصالحات؛ حتى يرفع درجاته عنده سبحانه وتعالى.

إذاً: أنت وإن اعترضت في الدنيا فإنك في الآخرة تعرف الجواب حين ترى هذا الإنسان قد رفعه الله عز وجل درجات عظيمة، وحين ستر عليه ذنوباً كثيرة فعلها واستتر بها، فالله ضيق عليه في الرزق كشيء من العقوبة له؛ لتكفير السيئات ومغفرة الذنوب والزلات، فالله عز وجل يبسط ويقدر سبحانه، ولذا قال: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [العنكبوت:٦٢].

<<  <  ج:
ص:  >  >>