للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (لله ما في السموات والأرض)]

قال الله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [لقمان:٢٦] يعني: هؤلاء الكفار المغترون بقوتهم وهم ضعفاء، المغترون بكثرتهم وهم قلة، المغترون بأموالهم ويظنون أنهم أغنى خلق الله سبحانه، يقول الله: لله ما في السموات والأرض، فكل ما في السموات وكل ما في الأرض بما في ذلك هؤلاء وما يملكون، كل ذلك ملك لله الغني سبحانه، فهو وحده لا شريك له الغني بذاته وما سواه مخلوق ومفتقر إليه سبحانه وتعالى، فمهما أعطي المخلوق من مال فإنه يخاف الفقر ويخاف أن يضيع منه المال، ويشعر أنه لا بد أن يحرس المال حتى لا يذهب من بين يديه، ولكن الله الغني الغنى الكامل بذاته، عطاؤه كلام ومنعه كلام، إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون، خزائن الله ملأى لا تنقصها نفقة سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق الخلق حتى تقوم الساعة فإنه لم ينقص شيء مما في خزائنه سبحانه وتعالى، وهو الذي يقول: (لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) فلو أن كل خلق الله سبحانه قاموا مرة واحدة وسألوا الله فأعطى كل واحد منهم أمنيته، فلن ينقص مما عند الله إلا شيء بسيط كما تجعل الإبرة في البحر فانظر بما تخرج من ماء {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [لقمان:٢٦] أي: المحمود المستحق للحمد، المستحق لثناء الجميل سبحانه وتعالى على صفاته العظيمة وإحسانه على عباده.

<<  <  ج:
ص:  >  >>