للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تحرك الكون ودورانه]

فالله عز وجل يخلق في هذا الكون ما يشاء، والكون يتحرك وكل شيء متحرك فيه بحركة عجيبة، فالكواكب تدور حول نفسها بحركة معينة، وحول مركز الكون بحركة معينة، وكل الكون يدور بطريقة لا يشبهه فيها إلا المسلمون فقط، وذلك عند الكعبة، فالطواف حولها عكس حركة الساعة، وكل الكون يدور بهذه الطريقة؛ الشمس والقمر والنجوم، وكل شيء، فإذا انعكس هذا النظام عرف أن آية من الآيات الكونية ستكون قريبة، وهي شروق الشمس من مغربها، بعد أن كانت كل يوم تشرق من المشرق، وتغرب من المغرب، وبعد أن كانت الأرض تدور عكس عقرب الساعة سيجيء في يوم من الأيام تقل سرعة الأرض إلى أن تقف في مكانها، وبعد ذلك تتحرك بعكس ما كانت تتحرك عليه، في هذا اليوم تشرق الشمس من مغربها كما أخبر النبي صلوات الله وسلامه عليه.

وهذه الآية العجيبة التي لم يصدقها البعض قد اكتشفها علماء الفلك، حيث يقولون: إنه في يوم من الأيام ستقل سرعة الأرض، وهذا قد حدث لكوكب المريخ حيث أشرقت الشمس من مغربه، وهذه آية من آيات الله سبحانه، فالمريخ يدور بطريقة معينة كالأرض، ثم قلت سرعة دورانه حتى وقف في مكانه، وانعكست حركته فلف حول نفسه من الناحية الأخرى يوماً واحداً ورجع ثانية إلى الحركة الأولى، فكذلك يوم القيامة تكون من علاماته الكبرى أن تشرق الشمس من مغربها، فكل يوم تستأذن الشمس ربها أن تشرق من المشرق، وفي هذا اليوم الوحيد تأتي الشمس ويؤخرها الله عز وجل، ولا يأذن لها، فإذا بالشمس تقف في مكانها، فتقل سرعة الأرض، ثم تدور إلى الناحية الأخرى فيكون مشرق الشمس من مغربها، وفي هذا اليوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانا خيراًَ، وهذه علامة من العلامات الكبرى للساعة، وبعد ذلك تشرق الشمس من مشرقها كالعادة، فهو يوم واحد يحدث فيه هذا الشيء، فآمن من آمن، وكفر من كفر، وعلم الناس أن هذا مؤمن، وهذا كافر، وانتهى أمرهم على ما طبع الله عز وجل عليهم، ثم تقوم الساعة بعد ذلك حسب ما يشاء الله سبحانه وتعالى.

والغرض: بيان أن الله يرينا قدرته العظيمة، فيأتينا بالليل ويأتينا بالنهار سبحانه وتعالى: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس:٤٠].

وآية النهار هي الشمس، وآية الليل القمر، وكل في فلك يسبح، ويمشي في المكان الذي قدر له، حتى يأتي يوم القيامة فإذا بالشمس تكور وإذا بالقمر يخطفه الله سبحانه وتعالى، وإذا بالنجوم تنكدر وتأتي الآيات الكبرى للساعة.

قال الله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} التسخير: هو تسيير جبري، فالله سخر الشمس، فهي في مدارها الذي خلقها الله عز وجل فيه، {تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس:٣٨]، حتى يأتي أمر الله سبحانه وتعالى في يوم من الأيام، وسخر القمر، فجعله يدور مع الأرض حول هذه الشمس، ويدور حول الأرض، فيأتي الليل ويأتي النهار، ونرى آية الليل وآية النهار.

<<  <  ج:
ص:  >  >>