للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تصدي المسلمين للأحزاب]

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين: قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب:٩ - ١١].

هذا اليوم الذي يذكره الله تبارك وتعالى كانت فيه هذه النعمة العظيمة من ربنا سبحانه على المؤمنين، وهو يوم غزوة الخندق، وتسمى غزوة الأحزاب، وكانت في العام الخامس من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء الأحزاب لحرب النبي صلى الله عليه وسلم بسبب اليهود الذين دعوهم لذلك وجمعوهم، فجاءت قريش ومن معها من أهل نجد وغطفان وغيرهم من المشركين في عشرة آلاف رجل، يزعمون أنهم يستأصلون النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين معه في المدينة.

وأشار سلمان على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحفر خندقاً يكون بينهم وبين المشركين، وكان عدد جنود المسلمين ثلاثة آلاف رجل.

أمر الأحزاب كان أمراً شديداً، ولم يحدث كثير قتال، فالقتال كان قليلاً، والبعض من المشركين حاولوا أن يبحثوا عن ثغرة في الخندق ليعبروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعبر مجموعة من فوارسهم منهم عمرو بن عبد ود العامري، وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب وضرار بن الخطاب، وكان هؤلاء فرسان قريش وشجعانها.

فلما اقتحموا الخندق وصاروا عند المسلمين خرج منهم من يطلب من المسلمين المبارزة وهو عمرو بن عبد ود، فخرج إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومكنه الله عز وجل منه مع كون الفرق كبيراً بين الاثنين، هذا رجل كبير ومن الجريئين والمشهورين بالشجاعة، وعلي بن أبي طالب شاب صغير رضي الله عنه، ولكن الله سبحانه وتعالى قواه بإيمانه، فغلبه وعلاه وذبحه، فلما رأى الكفار ذلك فر الباقون وهربوا.

كان اليوم كما قال الله سبحانه تبارك وتعالى إنه يوم عظيم ويوم شديد، زاغت فيه الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنونا، وخانت اليهود من خلف المسلمين والنبي صلى الله عليه وسلم مشغول بالكفار الذين أمامه، وبلغ خبر اليهود للمسلمين ففت في أعضادهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل للتأكد من ذلك، فقد أرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة وغيرهم، حتى يأتوه بخبر اليهود ولا يذكرون الخبر تصريحاً إذا خانوا، فإذا لم يخونوا فليصرحوا بذلك، فجاءوا وعرضوا بالكلام الذي فيه أن اليهود قد خانوا فعلاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>