للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود)]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب:٩].

يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن يوم الأحزاب وما كان فيه من شدة وزلزلة للمؤمنين، ثم ما كان فيه من نصر الله سبحانه لعباده المؤمنين.

قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)) أي: اذكروا جنس نعمة الله سبحانه وتعالى، ومن هذه النعم هذه النعمة في يوم الأحزاب، إذ جاءتكم جنود وجاءكم جيش جرار من مكة وغطفان وغيرها، جاءوا للمدينة، قال الله عز وجل: ((إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)).

أي: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ حين جاءكم هؤلاء فأسرع الله عز وجل بالنصر إليكم، ونصر الله قريب، وكل ما هو آت من عند الله فهو قريب، فمهما ظن الإنسان أنه تأخر، ومهما ظن الإنسان أن ربنا سبحانه لم يعطه الذي طلبه فإنه ما تأخر الشيء الذي يريده الإنسان إلا لحكمة من الله عز وجل.

ولو أن الأحزاب حين جاءوا وهم في الطريق أرسل عز وجل عليهم الريح فقلبتهم وكفأتهم وقتلتهم لما شعر المؤمنون بحلاوة هذا النصر، ومعلوم أنه عندما تقع الشدة على الإنسان ثم يأتي الفرج بعدها يعرف الإنسان قيمة هذا الفرج، ويعرف فضل الله سبحانه وتعالى.

ولا يعرف الشيء إلا بضده، ويذوق المسلمون العناء والتعب ويصبرون ويصابرون فيتذوقون بعد ذلك حلاوة النصر وحلاوة الفرج من عند الله سبحانه، فذكرهم بهذه النعمة ثم فصل الله عز وجل ما كان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>