للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة)]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

قال الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ * وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:١٥ - ١٨].

أخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى أنه ينصر عبده صلوات الله وسلامه عليه فقال: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج:١٥].

كأنه ييئس الكفار من أن يطمسوا نور الله سبحانه ويطفئوه، فالله عز وجل متم نوره سبحانه تبارك وتعالى، ولو كره الكافرون، فإن كرهوا واغتاظوا من أن الله ينصر رسوله صلى الله عليه وسلم وينصر دينه قال: (فليمدد) أي: المغتاظ منهم بحبل إلى السماء: {ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج:١٥].

يعني فليذهب فيقتل نفسه فيمت غيظاً وحنقاً، فهل يذهب هذا الذي صنعه بنفسه ما يغيظ؟ لن يذهبه ولكنه في الدنيا يخنق نفسه، ويتحول إلى غضب الله سبحانه تبارك وتعالى وعذاب رب العالمين.

والمعنى الآخر: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج:١٥] يعني يحاول الصعود إلى السماء وينظر هل يقدر أن يمنع نصر الله الذي ينزل من السماء على رسوله صلى الله عليه وسلم؟ ولينظر هل يقدر أن يمنع هذا القرآن من النزول من السماء؟ قال: {فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج:١٥] يعني كل ما يكيده وكل ما يصنعه للحيلولة دون نصر النبي صلى الله عليه وسلم ودون إبلاغه صلى الله عليه وسلم، فليحاول الصعود إلى السماء، وينظر هل يقدر أن يمنع نصر الله الذي ينزل من السماء على رسوله صلى الله عليه وسلم؟ ولينظر هل يقدر أن يمنع هذا القرآن من النزول من السماء؟ قال: {فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج:١٥] لا يقدر أن يمنع نصر الله سبحانه، ولا أن يمنع نزول القرآن من السماء، حتى ولو خنق نفسه!

<<  <  ج:
ص:  >  >>