للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أهل الجنة وأهل النار]

في صحيح مسلم ومسند أحمد من حديث عياض بن حمار وهو حديث طويل وفي آخره قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأهل الجنة ثلاثة) يعني ثلاثة أصناف، قال: (ذو سلطان مقصد) أي: كان له سلطان وملك وسلطة على من تحته ويعدل في ذلك، فيتصدق على عباد الله، ويوفقه الله عز وجل لطاعة الله عز وجل وطاعة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فهذا من أهل الجنة.

قال: (ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم) فهذا من أهل الجنة، ملأ الله عز وجل قلبه رحمه لقرابته، فهو رحيم بالمؤمنين عكس الإنسان القاسي الغليظ القلب، فأهل الجنة الرحماء، وجاء في الحديث: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).

قال: (وعفيف متعفف ذو عيال) من أهل الجنة رجل عفيف لا يسأل الناس شيئاً، وهو متعفف عما في أيدي الناس، لا ينظر إليهم ولا يحسدهم فيما أعطاهم الله عز وجل، وإن كان ذا عيال كثير، فهو عفيف قنوع راض بما أعطاه سبحانه تبارك وتعالى، وهذا المفلح الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (قد أفلح من رزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه) كفافاً أي على قدره، وقنعه الله بما آتاه، هؤلاء الثلاثة من أهل الجنة.

ثم ذكر أهل النار في الحديث نفسه فقال: (وأهل النار خمسة) يعني أهل النار خمسة أصناف، منهم (الضعيف الذي لا زبر له، الذين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلاً ولا مالاً) يعني إمعات الناس، ليس عندهم عقول، فهم تافهون يمشي أحدهم بين الناس همه أن يضحك مع الناس، ولا يهمه أمر دين، يعيش للدنيا غير ملتفت للدين، لا إلى صلاة ولا إلى صوم ولا إلى عبادة ربه سبحانه، فهذا إنسان لا عقل له ويلحق بالبهائم.

قال صلى الله عليه وسلم: (لا يبتغون أهلاً ولا مالاً) غير مسئول عن أحد، فهو إنسان غبي أحمق لا يفكر، ولو كان له الولد يموت فإنه يدعو له ابنه، أو يعيش فيعمل ابنه العمل الصالح فيؤجر على هذا العمل الصالح، ولا يزال يؤجر من أعمال ذريته لأنه كان سبباً في وجودهم، لكن هذا لا زبر له، أي ليس له عقل، فهو فرح لأنه يعيش لوحده، ينافق ويداهن ويأكل من باب الحلال وبالحرام، ليس على باله جنة ولا نار، فهؤلاء لا زبر لهم أي لا عقول لهم تردعهم عن منكراتهم.

قال: (الذين هم فيكم تبع) فقنعوا بذلك (لا يبتغون أهلاً ولا مالاً) يعني لا يبتغون مالاً حلالاً، وطعامه في الدنيا من الحرام.

قال: (والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه) خفى بمعنى ظهر يعني مجرد ما يظهر له شيء من مطامع الدنيا يسرقه ويأخذه، فالخائن من أهل النار.

قال: (ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك) يريك أنه صديقك وحبيبك، وهو يخادعك في أهلك وفي مالك فاحذر هؤلاء.

ثم ذكر البخل أو الكذب كأن الراوي شك هل الرابع البخيل أو الكذاب، فهم من أهل النار.

ثم ذكر الشنظير، وهو الفاحش البذيء الذي يتكلم بالفحش، فهو من أهل النار والعياذ بالله.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل جنته.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>