للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون)]

{أَفَلا يَشْكُرُونَ} [يس:٧٣] هلا شكروا الله سبحانه على نعمه العظيمة وتدبروا في ذلك؟! لا، لم يفعلوا، بل قد {اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً} [يس:٧٤] فعبدوا غير الله سبحانه.

ولماذا عبدوا غير الله؟ {لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} [يس:٧٤] يظنون أنهم ينتصرون بهؤلاء، فهذا جهل مطبق، وغباء عجيب في هؤلاء.

عبدوا غير الله وهم يعلمون أن الذي خلق هذه البقرة هو الله، والذي خلق لنا هذا الطعام هو الله، من تعبدون؟ قالوا: نعبد هذه الأصنام ولا حول ولا قوة إلا بالله، لماذا يعبدونهم؟ قال: {لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} [يس:٧٤] فإذا حصلت بينهم حروب أتوا على شجرة يعبدونها من دون الله ويتبركون بها ويعلقون عليها أسيافهم؛ من أجل أن تأتي البركة في السيوف فيعرفوا كيف يقاتلون.

ولذلك فإن بعض الصحابة ممن كان قريب عهد بالإسلام خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، فإذا بهم يجدون الكفار يعلقون أسيافهم بشجرة، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، أي: اتخذ لنا شجرة نعلق عليها سيوفنا ونأخذ منها البركة مثل هؤلاء.

قال: (الله أكبر، قلتم كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ)، وهل تؤخذ البركة إلا من الله تبارك وتعالى! فالمقصود: أن الإنسان الذي يكفر يتوجه إلى أشياء حقيرة مثله يطلب منها البركة والنصرة، فهؤلاء إذا خرجوا لقتال ذهبوا إلى أصنامهم يطلبون منها أن تنصرهم، وهم يعرفون أنهم هم الذين صنعوا هذه الأصنام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>