للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون)]

قال الله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ} [الصافات:٨٥] أي: كانوا يصنعون الأصنام، وكان أبوه ينحت الأصنام لقومه، فقال لقومه: {مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا} [الصافات:٨٥ - ٨٦] أي: كذباً، وبهتاناً، وزوراً وآلهة تزعمونها دون الله، تريدون أن تتخذوها وأن تعبدوها.

قال تعالى: {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:٨٧] أي: أين ذهبت عقولكم؟ فظننتم بالله ظن السوء، وظننتم أن هذه تنفع وتضر مع الله سبحانه، وظننتم أن هذه يوجه إليها عباده، وأنتم الذين صنعتموها، {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، أنه صانع بكم؟ وقد كفرتم به وأشركتم، هل يترككم على ذلكم؟ قال تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات:٨٨ - ٨٩] أي: نظر كهيئة المتطلع والناظر في النجوم أي: متفكر حتى يظن هؤلاء أنه سيقول شيئاً بناء على نظره في النجوم، {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات:٨٩]، وكأن المقصد أنه مريض، فيفهمون منه أنه سيمرض بسبب نظره في النجوم، فكأنه اطلع على غيب واطلع على شيء، {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات:٨٩]، وأوهمهم أنه سيصاب بمرض أو أنه سيكون فيه مرض معدٍ.

ولذلك تركوه بعد ما كانوا يريدون أن يأخذوه معهم إلى عيدهم في الصباح لعله يغير رأيه في آلهتهم ويكون مثلهم، فقالوا: إنا ذاهبون إلى العيد واخرج معنا يا إبراهيم، قال: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات:٨٩]، وكانت فرصة لإبراهيم أن يخرج جميعهم ويكون هو وحده مع الأصنام فيكسر هذه الأصنام لعلهم يرجعون عن عبادتها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>