للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم)]

قال تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الصافات:١١٥] نجى الله عز وجل موسى ونجا هارون من الكرب العظيم، والكرب العظيم هو الذي ابتلي به بنو إسرائيل في مصر فكانوا أرقاء لفرعون وقومه وجنوده، فالله عز وجل نجى موسى وهارون ولم يتعرضا لذلك، فموسى تربى في بيت فرعون، وكان موسى يأمر وينهى، وأعطاه الله سبحانه وتعالى ما شاء من فضل وكرم عليه، وكذلك نجاه من الغرق سبحانه، فأغرق فرعون وجنوده، ونجاه هو وبني إسرائيل من الغرق، ونجاهم من ظلم فرعون بفضله سبحانه وتعالى.

قال الله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} [الصافات:١١٦] أي: نصرنا موسى وهارون ومن اتبعهما من المؤمنين فكانوا المغالبين، فأهلك الله عز وجل فرعون وجنوده، وأظهر موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام فكانوا هم الغالبين ومن اتبعهما من المؤمنين.

إذاً: (نَصَرْنَاهُمْ) أي: نصرنا المؤمنين موسى وهارون ومن معهم من المؤمنين.

وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُمَا} [الصافات:١١٧] هذا كان لموسى وهارون على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، آتاهما الكتاب المستبين، والذي نزل عليه الكتاب هو موسى عليه الصلاة والسلام، وهارون تابع لموسى وهو نبي، فموسى رسول ونبي، والمطلوب منه أن يبلغ رسالة وأن يبلغ شريعة، فهو صاحب كتاب، أما هارون فهو نبي يوحى إليه، ولكن ليس صاحب رسالة، فهو يبلغ ما يأمره به موسى عليه الصلاة والسلام.

قال سبحانه: {وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ} [الصافات:١١٧] المستبين: الذي استبانه الناس وتبينوا صدقه وتبينوا نوره وظهر الحق الذي فيه، يقال: هذا كتاب بين، أي: جلي واضح لا لبس فيه ولا غموض فيه، بل هو نور من الله سبحانه.

قال الله: {وَهَدَيْنَاهُمَا} [الصافات:١١٨] أي: موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقوله تعالى: {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الصافات:١١٨] أي: الطريق القويم، وهو دين الله الإسلام العظيم الذي دعا إليه كل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، قال نوح عليه الصلاة والسلام: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٧٢]، وقال موسى لقومه: {يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس:٨٤]، فهي دعوة الله سبحانه لكل خلقه أن يكونوا على هذا الإسلام العظيم، أن يسلموا أنفسهم وقلوبهم ويوجهوا وجوههم إلى الله الواحد لا شريك له، ويعبدونه لا يشركون به شيئاً.

وقوله تعالى: {الصِّرَاطَ} تقرأ بثلاث قراءات: الصراط بالصاد، والسراط بالسين، والزراط بالزاي إشماماً، تشم السين حرف الزاي، يقرؤها بالسين: قنبل عن ابن كثير ورويس، وباقي القراء يقرءون هذه الكلمة بالصاد، ويقرؤها خلف عن حمزة: (الزراط المستقيم)، ويقرؤها خلاد بخلفه، والمعنى واحد في الجميع، {وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الصافات:١١٨] أي: الطريق القويم إلى الله عز وجل، هذه الشريعة العظيمة شريعة الإسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>