للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عظم خلق السماوات والأرض]

خلق الله السماوات والأرض بالحق، خلقها الله عز وجل حقاً، وخلقها خلقاً متلبساً بالحق، وخلقها ليحق الحق سبحانه تبارك وتعالى، ولذلك أنزل ووضع الميزان بين العباد حتى يقيموا القسط بينهم، ويقيموا العدل بينهم، فأخبرهم أنه خلق السماوات والأرض بالحق، وكل شيء مخلوق بالحق من الله سبحانه، خلقه حقاً، وخلقه ليحق الحق، ويظهر آيات عظمته وعظيم قدرته سبحانه تبارك وتعالى.

والسماوات لا يحيط بها الإنسان، ولا يعرف كنه حقيقة كل ما فيها، إنما يعرف الإنسان جزءاً من السماء وهو الذي يواجه الإنسان على هذه الأرض، أما ما خفي عنه من السماوات فهو أعظم بكثير مما يراه الإنسان ويطلع عليه، فالإنسان يرى الشمس ويرى القمر ويرى النجوم، ونحن في هذا الكون نعيش في مجرة من مليارات المجرات التي حولنا، هذه المجرة التي تدخل فيها الشمس ويدخل فيها القمر، وتدخل فيها هذه الأرض، وتدخل فيها كل هذه النجوم التي تعد بمليارات المليارات في المجرة الواحدة، والمجرات عددها مليارات المليارات، وقد اكتشفوا منها مائتين مليون مجرة!! وكم من المجرات لم يكتشفوها إلى الآن؟! قبل عشر سنوات قالوا: اكتشفوا حوالى خمسين مليون مجرة من المجرات، ثم بعد ذلك وصل العدد إلى مائتين مليون مجرة، وكل مجرة فيها العدد الضخم من الكواكب والنجوم، فهذا الكون هائل جداً، وعظيم جداً، وربنا يذكر عن نفسه سبحانه أنه هو الذي خلق ذلك، وهو الكبير المتعال، حين تدخل في الصلاة تكبر ربك فتبدأ الصلاة بقول: الله أكبر، الله أكبر من كل شيء، الله الكبير الأكبر المتعالي سبحانه.

والله يخاطب العرب الذين لا يعرفون شيئاً عن علم الأفلاك وعلم النجوم وعلم الكون الذي حولهم، العربي كان ينظر إلى الشمس تشرق من المشرق وتغرب من المغرب، ولا يدري أن الأرض مكورة مثل الكرة، كان يرى نفسه يمشي على الأرض وهي مسطحة، فكان الاعتقاد السائد أن الأرض سطح مسطح، لأن الناظر إليها يراها كذلك، ولكن الله يشير في القرآن إلى التكوير، فيقول: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر:٥]، وقال عن الأرض: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} [النازعات:٣٠ - ٣١] وقال سبحانه: {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس:٦]، فقد بسطها الله سبحانه ومهدها ووطأها ووسعها ودحاها بمعنى بسطها سبحانه، وجعلها قابلة لأن يسير عليها الإنسان، وجعلها واسعة فسيحة أمام الإنسان، والذي على الأرض لا يراها كرة لعظيم سعتها، فالله سبحانه تبارك وتعالى جعلها واسعة، فمساحة هذه الأرض التي يسير عليها الإنسان حوالى خمسمائة وواحد وثمانين مليون كيلو متر مربع! فالأرض واسعة دحاها الله ووسعها سبحانه تبارك وتعالى، وطحاها بأن جعلها كالكرة، فلوسعها يراها الإنسان منبسطة أمامه، ولكن هذه الآية تشير إلى أنها كرة كغيرها من النجوم والأفلاك التي خلق الله سبحانه تبارك وتعالى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>