للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (له مقاليد السماوات والأرض)]

قال الله تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الزمر:٦٣] المقاليد: الخزائن، وهي مفاتيح خزائن السموات والأرض، فكل شيء له يملكه، وكل شيء تحت تصرفه سبحانه وتعالى، يأمر بقوله: كن فيكون، فالمطر يأمره سبحانه وتعالى: انزل في المكان الفلاني، فينزل في ذلك المكان، وخزائن الأرض من كنوز وغيرها يأمر بخروجها فتخرج لمن يشاء من خلقه سبحانه وتعالى وهذه الخزائن ملأى لا تغيظها نفقة، فإذا أراد الإنسان الرزق فليسأل الله سبحانه تبارك وتعالى، وسوف يعطيه رزقه، فلا أحد يقدر أن يقدم أو يؤخر من أرزاق العباد شيئاً، ولكن الله الذي يفعل ذلك، فعلى العبد أن يقطع علائقه بالخلق، فلا يتعلق قلبه بأحد من الناس، فالله سبحانه تبارك وتعالى هو الذي سيعطيه ويرزقه، وإنما عليه أن يأخذ بالأسباب، وأن يثق بالله سبحانه وتعالى، فهو الرزاق الكريم، وهو على كل شيء وكيل.

{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، إن الكافر طماع لا يثق بالله سبحانه ولا برسالاته، إنما يريد أن يرى أمامه الجنة وينظر إليها، فإذا رآها آمن بها، وإلا فإنه يكفر ويكذب مهما جاءته من الآيات، قال الله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:٢٤] طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، ولا يتبعون رسل الله عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الزمر:٦٣] الذين خسروا الدنيا والآخرة مهما جمعوا من الدنيا لا بد وأن يتركوها يوماً من الأيام، فإذا جاءوا يوم القيامة وقد ضاعت منهم الدنيا كان مصيرهم إلى النار، فهذا هو الخسران المبين، الذي يبين ويفصح عن نفسه أنه الخسران الحقيقي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>