للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: (ولكل أمة جعلنا منسكاً)

قال سبحانه: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:٣٤]، ((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا)) قرئت (منسَكا) وهي قراءة الجمهور، و (منسِكاً) بكسر السين وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف، والمعنى على القراءتين واحد، والمنسك له عدة معانٍ، وكلها داخلة تحتها، فمن معانيها: الشرائع يعني: جعلنا شريعة لكل أمة، وإن كانت كل الأمم مجتمعة على التوحيد، فإن كل الرسل أمرهم الله أن يدعوا إلى عبادة ربهم سبحانه، كما قال تعالى: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:٥٩] فالكل يدعوا إلى دين واحد وهو: دين الإسلام والاستسلام لرب العالمين، والطاعة، والإذعان، والخضوع لله سبحانه وتعالى، ولكن جعل لكل منهم شرائع، وكيفيات مختلفة في حجهم وغير ذلك، وجعل لكل أمة منهم منسكاً.

ومن معاني المنسك: الذبح.

ومن معانيه أيضاً: الطاعة، أو طرق الطاعة، وكيفيتها.

وذكروا من معاني المنسك: أنه موضع الذبح.

وقالوا: المنسك: هو أصل المكان المعتاد للشيء، فالمناسك: هي الأماكن التي يعتاد الذهاب إليها في أوقات الحج.

وكذلك قالوا في معنى: (منسكاً): مذهباً، يعني: من طاعة الله سبحانه تبارك وتعالى، فكل أمة شرع الله عز وجل لهم كيفية في العبادة.

قال سبحانه: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:٣٤] أي يذكرون اسم الله عز وجل على بهيمة الأنعام، يعني: أنهم حين يرونها يكبرونه، وحين يذبحونها يسمونه، ويكبرونه سبحانه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>