للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حملة العرش يمجدون ربهم سبحانه]

حملة العرش هم أقرب الملائكة لرب العالمين سبحانه وتعالى، وهم الملائكة المقربون الذين جعلهم الله عز وجل حملة عرش الرحمن، يؤمنون بالله عز وجل ويسبحون بحمده ويستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين، قال الله عز وجل: ((وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا)) قائلين: ((رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا))، وهنا يعلم الله عز وجل المؤمن كيف يدعو ربه سبحانه، وكيف يسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وبرحمته التي وسعت كل شيء، كما تدعو الملائكة للإنسان فيقولون: ((رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا)) فـ (ربنا) فيه صفة الربوبية لله سبحانه وتعالى، ومقتضاها قدرة الله على كل شيء، وأفعال يفعلها الله سبحانه لا يقدر أحد أن يفعل مثلها، فالله الفعال لما يريد، فهو الخالق، البارئ، المصور، وهذا من ربوبيته سبحانه، وهو الذي يشرع لعباده ما يشاء وما يريد، وهو الله الرب القادر الذي يخلق ويرزق ويحيي ويميت، فيتوسلون إليه بصفة الربوبية، ويقولون: يا ربنا! يا من أنت قادر على كل شيء، ((وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا))، فمن صفات ربوبيته سبحانه وتعالى أنه يرحم كل شيء بمشيئته، وتسع رحمته كل شيء سبحانه، وقد كتب هذه الرحمة للمؤمنين.

ومن صفاته سبحانه أنه ذو العلم العظيم علام الغيوب، وهو عالم الغيب والشهادة، وقوله: ((وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ)) أي: أحطت بكل شيء علماً، ووسعت كل شيء رحمة، ومن أدب الدعاء حين تدعو ربك سبحانه أن تتشبه بملائكة الله عز وجل، فتبدأ بالثناء عليه سبحانه، ولا تعجل في الدعاء، وليس مجرد أن ترفع يديك وتقول: يا رب أعطني كذا، ولكن ابدأ بالثناء على الله سبحانه وتعالى، والصلاة على النبي صلوات الله وسلامه عليه، ثم سل الله سبحانه وتعالى، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً دعا ربه فبدأ بالدعاء والمسألة فقال له: (عجلت)، أي: تعجلت، فليس هذا أدب الدعاء، إنما الدعاء أن تبدأ فتثني على الله سبحانه وتعالى بما هو أهله وتحمده، وتمجده وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سل الله سبحانه بعد ذلك ما تريد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>