للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دعاء الحي الذي لا يموت أولى من دعاء غيره]

قال تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر:٦٥] هذه صفة من صفاته سبحانه وتعالى وحده، فهو الحي الحياة الأزلية الأبدية، أول بلا بداية، وآخر بلا نهاية، ظاهر فليس فوقه شيء، وباطن فليس دونه شيء، سبحانه وتعالى، قال تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:٣].

فقوله: (هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) أي: لا إله إلا هو، هو الحي وما سواه ميت، كما قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:٣٠].

قال تعالى: (فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، فإذا كان هو الحي وحده لا شريك له، الباقي وغيره فان، فادعوه وحده، واطلبوا منه سبحانه وتعالى بإخلاص، وأخلصوا له العبادة، ولا تشركوا به شيئاً، فلا تعبدوه وتعبدوا غيره معه، وإنما اعبدوه وحده لا شريك له، ووجهوا العبادة إليه مخلصين له الدين، فمن معاني الدين: العبادة، ومن معانيه: الجزاء، والمقصود هنا: أخلصوا له دينكم أي: عبادتكم، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فكأنه يقول: وحدوه واحمدوه، فإن لم تحمدوه فقد حمد نفسه سبحانه فقال في كتابه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

وقد كرر ذلك في مواضع من كتابه؛ ولذلك استحب العلماء أن يختم ذكر الله بالحمد لله، وأن يختم الدعاء بالحمد لله، كما قال هنا: ادعوه ثم قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

فالحمد لله أولاً وأخراً وظاهراً وباطناً، ونسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>