للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (فإن يصبروا فالنار مثوى لهم)]

قال تعالى: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} [فصلت:٢٤].

أي: فإن يصبروا على عذاب الله سبحانه فالنار هي محل إقامتهم فلن يخرجوا منها، ولذلك قال في آية أخرى: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم:٢١] أي: ما لنا من مهرب ولا منجى ولا ملجأ من عذاب الله سبحانه وتعالى، كذلك قال لهم هنا سبحانه وتعالى: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [فصلت:٢٤]، والصبر في الدنيا صبر عن محارم الله سبحانه وتعالى، وصبر على طاعة الله سبحانه، وصبر على قضاء الله وقدره، ويؤجر العبد على قدر صبره، اصبر تؤجر في الدنيا، أما في الآخرة فلا تكليف، فإذا دخلوا النار سواء عليهم صبروا أو جزعوا وصرخوا ليس لهم إلا العذاب، فلن يخرجوا منه ولن يخفف عنهم قال الله: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا} [فصلت:٢٤] أي: وإن يريدوا أن يرضوا ربهم سبحانه وأن يزيلوا ما أعتبه عليهم سبحانه وتعالى، وما أغضبه عليهم؛ فليستقيلوا ربهم سبحانه، وليعتذروا إليه سبحانه.

واستعتب أراد إزالة العتب، وإزالة ما يسخط ويغضب، تقول: استعتبني فلان، أي طلب مني أن أرضى عنه، وإن يريدوا أن يرضوا ربهم سبحانه فلن يقبل منهم سبحانه ولن يقبلهم، ولن يعيدهم إلى الدنيا مرة ثانية: {فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} [فصلت:٢٤] أي: ليسوا بالذين يرضون ربهم يوم القيامة ولن يقبل منهم ولن يقبلهم يوم القيامة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>