للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذكر بعض ما قاله أهل العلم في معنى لطف الله عز وجل]

من لطف الله سبحانه ما ذكره أهل العلم: قال الحسين بن فضل: لطيف بهم في القرآن وتفصيله وتيسيره، يعني: أن من لطفه سبحانه وتعالى أنه نزل هذا القرآن العظيم السهل الممتلئ، فإن القرآن سهل جداً، كما قال عز وجل: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر:١٧] فكل إنسان يفهم العربية ويقرأ القرآن يفهم هذا الذي يقوله الله سبحانه، لكن هذا الشيء السهل جداً هل تقدر أن تأتي بمثله؟ لا تقدر، فإن ذلك صعب جداً، بل مستحيل، كما قال عز وجل: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:٨٨].

فاذهب واحفظ قواميس اللغة كلها، واعرف كلام العرب كله، وحاول أن تأتي بمثله، فلن تقدر؛ فإن العرب كانوا عارفين بهذا الشيء، ولكنهم ما قدروا على ذلك أبداً، ولا استطاعوا إليه سبيلاً، وقد حاولوا فما وصلوا.

فمن لطف الله أنه أنزل هذا القرآن العظيم شريعة ومنهاجاً، وقال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر:١٧] فتحفظ كتاب الله فتجده سهلاً، وبقدر الآيات التي تحفظها لو أعطوك كلام أناس تحفظه فإنك ستجده صعباً وتقول: لا أستطيع، وهكذا أبيات الشعر، لكنك تستطيع أن تحفظ من القرآن ما يشاء الله سبحانه وتعالى، والقرآن ميسر الفهم، فأنت تفهم القرآن، وكل من يفهم العربية يفهم القرآن، والله يفضل بعضكم على بعض في الفهم؛ فإذا قرأت الآية: ((اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ))، فإن كل واحد يفهم أن الله لطيف، فعندما تنزل مصيبة بإنسان يقول: يا لطيف! يا رب! الطف بنا، تجد الإنسان يقول هذا من غير أن يعرف اللغة العربية، فالله لطيف بعباده، لطف الله سبحانه بعباده فكان براً بهم، وحفياً بهم، ورفيقاً بهم، أوصل إليهم النفع بطرق خفية، وأحدهم لا يدري من أين يأتي هذا النفع إليه، تشتد بهم المصيبة حتى تبلغ الذرى فإذا بفضل الله يأتي وتنكشف الكرب التي هم فيها، فالمصائب إذا نزلت وجلت وعظمت، فكلما عظمت إذا بالله يخففها فترتفع، والبلاء حين يشتد ينفرج، كما قيل: اشتدي أزمة تنفرجي، فإذا اشتدت الأزمة ونزل الكرب بالإنسان جاء لطف الله سبحانه، فانكشفت هذه الأزمة، كما قال الشاعر: ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج فقد يشتد البلاء والأزمة فتقول: لا أستطيع، لا أقدر، وإذا بلطف الله يأتي، وترى المريض يبيت في البيت يصرخ ويصرخ، ويطلع الصبح فيقول: سبحان الله! كانت ليلة شديدة، فإذا اشتد الكرب جاء الفرج من عند الله سبحانه، وذهب هذا الشيء، وهذا من لطف الله سبحانه وتعالى، وكلنا نفهم هذا المعنى.

وقوله: ((يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ)) أي: يعطي من يشاء الرزق.

وقوله: ((وَهُوَ الْقَوِيُّ)) أي: القادر القاهر العزيز سبحانه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>