للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض)]

يقول ربنا سبحانه: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى:٢٧]، فالله له الحكمة العظيمة البالغة، فثق بالله سبحانه سواء أعطاك قليلاً أم أعطاك كثيراً، كن على ثقة أن الله عز وجل يفعل بك الخير، {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:٢٦ - ٢٨]، فربك الكريم سبحانه يقول لك: أنت ضعيف وأنا أريد أن أخفف عنك، فافعل ما آمرك به حتى أخفف عليك في الدنيا وفي الآخرة، حتى أخفف عنك الحساب يوم القيامة، فأنت ضعيف لا طاقة لك بعذاب الله سبحانه، ولا طاقة لك بأن يضيق عليك في الدنيا وفي الآخرة، فتب إلى الله سبحانه.

(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ) ماذا سيكون؟ لو أن كل الناس صاروا أغنياء فهل سيحتاج بعضهم إلى بعض؟ وهل سينظر أحدهم إلى الثاني؟ وأين التكافل الاجتماعي بين الناس؟ لكن في حال وجود الضعيف مع القوي فالقوي يشفق على الضعيف ويحنّ له، ويميل إليه فيعطيه وينفق عليه، فالفقير يحب الغني الذي يعطيه، فيدعو له، فتكون هناك ألفة وترابط بين الناس، فالله عز وجل بحكمته جعل العباد فيهم الضعيف والقوي، وفيهم الفقير والغني، وفيهم الصغير والكبير، وجعل الله عز وجل العباد يحتاج بعضهم إلى بعض؛ حتى يوجد التكافل بين الناس، وتوجد المعاشرة والمحبة بينهم، ولا يستغني بعضهم عن بعض.

<<  <  ج:
ص:  >  >>