للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قدرة الله تعالى على جمع خلقه يوم القيامة]

قال تعالى: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ)، ولم يقل: لو يشاء، وإنما قال: إذا يشاء؛ لتحقق ذلك، فهو لا يمتنع أبداً، فوقتما يشاء سبحانه سيجمع الخلائق، ويحشر الجميع، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، (وهو على جمعهم إذا يشاء) أي: في الوقت الذي يريده ويشاؤه (قدير) سبحانه وتعالى.

إذا نظرنا لهذا الإنسان المخلوق كم يوجد من البشر على هذا الكون؟ نقول: الموجودون الآن من البشر أحياء على هذا الكون ستة مليار، فكم ماتوا منذ خلق الله آدم؟ وكم يخلق الله إلى أن تقوم الساعة؟ وكم العدد كله؟ وكم من المليارات، وكم من الأعداد العظيمة من البشر؟! وكل إنسان من هؤلاء خلقه الله وخلق له رزقه، وحسب له حياته ووقت مماته سبحانه وتعالى، خلقه ومعه رزقه وعمله، وإما شقي أو سعيد، ومكانه جاهز في الجنة أو في النار، أليس هو العظيم العلي الكبير سبحانه وتعالى؟! والذي يعلم كل شيء وأحاط بكل شيء علماً ولا يضيع منه شيء، ولا يغيب عنه شيء، ولا ينسى ربك أحداً، ولا ينسى ربك شيئاً سبحانه وتعالى.

فالله سبحانه يأمرنا أن نتدبر في هذا الكون، فالكون عظيم، والذي خلقه هو الله الأعظم سبحانه وتعالى، وهو الذي يقدر أن يجمع الناس، فإذا كان ربنا خلق هذا الكون وسيجمعهم بعد ذلك فهل يستطيع أحد أن يهرب من ربنا سبحانه وتعالى؟! فالله هو الذي دبر هذا الكون كله، وكل شيء يجري تحت مشيئته وقدرته، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:٤١] فهو الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا، وكل ما في الكون يحركه الله، وكل شيء يدور وكل شيء يجري في هذا الكون بأمر الله، ومن العجيب أن حركة كل شيء في هذا الكون حركة عجيبة جداً، والناس الوحيدون الذين يوافقون هذه الحركة هم المسلمون، فأنت حين تتحرك وتدور حول الكعبة تدور مثلما يدور الكون كله، فتدور عابداً لله سبحانه، تطوف ببيت الله سبحانه كما يطوف الكون كله بمثل هذه الحركة، وهي حركة عجيبة؛ إذ أن الكون كله يدور على مثل هذه الحركة، وقد أمرنا الله نحن المسلمين أن نطوف حول البيت بمثل هذه الحركة، فهي عبادة لله سبحانه وتعالى، والذي خلق ذلك كله يقول: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام:١٣٤] فلا مهرب ولا مفر من الله، فهو الذي أحاط بالكون العظيم كله، فكيف تهرب من الله وأنت لا تستطيع أن تخرج من هذا الكون؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>