للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حكمة الله تعالى في جعل بعض الناس عقيماً

وقوله: (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا)، العقيم: هو الذي لا نسل له، أي: مقطوع الذرية، لا ذرية له لا ذكوراً ولا إناثاً، وكلمة (عقيم) تطلق على الذي لا ينتج، أو الشيء الذي لا نتاج من ورائه، ويوصف بالعقم أشياء، فيقال: هذا رجل عقيم، وامرأة عقيمة، أو عقيم أيضاً، ومنه يقال: الملك عقيم، وكأن الملك يحرض الرجل على ابنه والابن على أبيه، وإذا زوج الملك ابنه فسينافسه ويقتله، فكان الملك عقيماً، يجعل الملك يقتل ابنه، ويجعل الابن يتخلص من أبيه لينفرد بالملك، فالملك يوصف بأنه عقيم؛ لأنه يجعل الأب لا يهتم بأمر ابنه، بل إذا كان ابنه سينافسه في الملك فإنه يقضي على ابنه؛ ليتفرد له ملكه في المملكة التي هو فيها.

وقالوا: بالملك تنقطع الأرحام، ويحدث فيها العقوق؛ خوفاً على الملك، وكم رأينا في التاريخ من أناس قتل بعضهم بعضاً على الملك، فترى الرجل يقتل أخاه؛ لأنه سيرث الملك عن أبيه؛ ليكون الملك له، فالله عز وجل جعل هذه الدنيا عبرة وعظة للخلق، فكان الملك عقيماً.

كذلك الريح وصفها الله عز وجل بأنها عقيم، أي: أنها ريح لا تنتج، وليس من ورائها خير، بل من ورائها الشر، فلا تلقح السحاب ولا ينزل على إثرها المطر، وإنما تكون مصائب على الخلق، فهذه هي الريح العقيم.

وكذلك يوم القيامة يوصف بأنه يوم عقيم؛ لأن يوم القيامة لا يوم بعده، ولا تنتظر بعده حياة دنيوية، فهذا اليوم ليس بعده أيام أخر، وإنما هو يوم واحد فقط، يقضى فيه بين الخلق، ثم بعد ذلك إما الجنة وإما النار، ولا يوجد يوم ثانٍ للحساب غير هذا اليوم الواحد، ولذلك يوصف بأنه يوم عقيم؛ لأنه لا يوم بعده للعمل ولا للجزاء ولا للحساب.

إذاً: يجعل الله عز وجل من يشاء من خلقه له الذكور، ومن يشاء له الإناث.

<<  <  ج:
ص:  >  >>