للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (فاختلف الأحزاب من بينهم)]

قال الله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [الزخرف:٦٥] أي: الذين تحزبوا وصاروا فرقاً منهم من يردون ما جاء به المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام وهم اليهود، ومنهم من دخل في دينه فأسلموا ثم بعد ذلك حدث بينهم خلاف بعد أن دخل الشيطان فوسوس لهم وقال لبعضهم: إن المسيح عليه الصلاة والسلام ما جاء بهذه الآيات إلا لكونه إلهاً فعبدوه من دون الله وهم النصارى، فاختلفت النصارى على فرق، فمنهم من عرفوا أنه عبد ورسول، ومنهم من أنكروا ذلك وزعموا أنه إله، فاختلفوا إلى نسطورية وملكية ويعقوبية وغير ذلك من فرق كثيرة جداً، وكل هذه الفرق يدعون في المسيح الألوهية، ويدعون فيه أشياء ما أنزل الله بها من سلطان.

قال سبحانه: ((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ)) ويل عذاب شديد، وهو واد في قعر جهنم للذين ظلموا أنفسهم؛ لأنهم عبدوا غير الله سبحانه، وظلموا نبيهم حيث أعطوه ما لم يأذن به الله سبحانه وتعالى، فبدلاً من أن يتابعوه فيفرح بهم يوم القيامة ويفتخر بهم؛ لأنهم آمنوا بالله، إذا بهم يسودون وجوههم بما صنعوا حيث عبدوه من دون الله سبحانه وتعالى، ((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ)) أي: من عذاب يوم القيامة العذاب الموجع عذاب النار.

وقوله: (فويل للذين ظلموا) عام لكل من ظلم نفسه وظلم غيره، ظلم نفسه بالكفر بالله عز وجل والشرك به، ومن هؤلاء الذين ألهوا المسيح عليه الصلاة والسلام، ومن هؤلاء أهل مكة الذين عبدوا الأصنام من دون الله، فكأنه يقول: قل للظلمة: ويل لهم من عذاب يوم القيامة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>