للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قول الله عز وجل: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة الأحقاف: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ * وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ * إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف:١١ - ١٤].

ذكر الله سبحانه وتعالى قول الكافرين للمؤمنين بسبب اتباعهم لكتاب الله عز وجل: ((لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ)) أي: أن هذا الدين ليس خيراً، ولو كان خيراً لكنا نحن الذين سبقناهم إليه.

فلما قالوا ذلك قال الله عز وجل عنهم: ((وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ)) أي: بهذا القرآن وبهذا الدين العظيم فسيفترون ويقولون: ((هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ))، فلأنهم لم يدخلوا في هذا الدين عادوه، وكما ذكرنا أن العادة في الإنسان أنه إذا جهل شيئاً عاداه، فكل من جهل شيئاً فلا يحب أن يوصف بأنه جاهل به فيعاديه.

وهؤلاء لم يحاولوا الاطلاع على هذا الدين، ولم يحاولوا أن يفهموه بقلوبهم وعقولهم وبصائرهم، ولكنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا بهم يعادونه ويقولون: سيأخذ منا ملكنا ورئاستنا، ويريد أن يكون هو المتبوع فينا، إذاً: لا نريد منه ذلك، فقالوا عما جاء به صلى الله عليه وسلم: هذا إفك، أي: كذب مفترىً مختلق، ((هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ))، أتي به من كلام السابقين الماضيين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>