للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مقدمة بين يدي سورة محمد]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد: قال الله عز وجل في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد:١ - ٢].

هذه السورة هي السابعة والأربعون في ترتيب المصحف في كتاب الله سبحانه وتعالى.

سميت سورة محمد صلى الله عليه وسلم، وسميت بسورة القتال، وسميت سورة الذين كفروا.

وأسباب التسميات: سميت بسورة محمد؛ لأنه ذكر فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان ذكر في آل عمران اسمه صلى الله عليه وسلم إلا أن هذه سابقة لسورة آل عمران، فسميت بذلك، أما سورة آل عمران فسميت باسمها المعروف.

وسميت بسورة القتال؛ لأن الله عز وجل ذكر فيها القتال، وحرض فيها المؤمنين على قتال الكفار.

وسميت بسورة الذين كفروا باعتبار أول آية فيها، {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:١]، والسورة قد تسمى بما يذكر في أولها أو بما يشتهر ذكره فيها ببعض الأحكام التي تدل عليها السورة.

هذه السورة مدنية باتفاق المفسرين، وإن كان روي أن فيها آية مكية وهي الآية الثالثة عشر فقد قيل: إنها نزلت في طريق هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

وهل نزلت بعد غزوة بدر أو بعد غزوة أحد؟ المهم أنها سورة مدنية، وقد شرع الله عز وجل فيها القتال، وحرض المؤمنين على الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى.

والسورة ترتيبها على حسب نزول سور القرآن السادسة والتسعون، وقد نزلت هذه السورة بعد سورة الحديد وقبل سورة الرعد.

واختلفوا في عدد آياتها على ما قدمنا قبل ذلك من خلافهم في مواضع الوقوف في الفواصل التي بين الآيات، وإلا فهي نفس الكلمات ونفس الحروف إلا أن البعض قد يعتبر هذه آية والبعض يعتبرها آيتين، ففي عد الكوفيين ثمانية وثلاثون آية، وفي عد الحجازيين والدمشقيين تسعة وثلاثون، وفي عد البصريين والحمصيين أربعون آية، فهم يختلفون في الوقف، فقوله: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد:٤]، يوجد فيها وقف لغير الكوفيين، أما الكوفيون فلا يقفون، ولا يعدونها آية، وقوله سبحانه: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد:٤]، وقوله: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد:٤]، وقوله: {لانتَصَرَ مِنْهُمْ} [محمد:٤]، في هذه المواضع يقف الحمصيون، فبناء على ذلك سيكون العدد عندهم أكثر من العدد عند غيرهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>