للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (فكيف إذا توفتهم الملائكة)]

قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد:٢٧] فكيف بهؤلاء؟! كيف يكون حالهم إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم؟! الملائكة تتوفاهم، والله يتوفاهم كما ذكر لنا ربنا سبحانه، فالله يتوفى، والملائكة تتوفى، الله يقضي بالموت، والقبض حقيقة بأمر الله سبحانه تبارك وتعالى، فالله هو الذي يخلق، وهو الذي يحيي ويرزق ويميت، فالله فاعل كل شيء، وخالق كل شيء سبحانه، والملائكة المباشرون للأمر يقبضون الأرواح، وما يفعلون شيئاً إلا بأمر الله سبحانه، ولا يقدرون على شيء إلا بما يقدرهم الله عز وجل عليه.

إذاً: الملائكة مأمورون منفذون لأمر الله سبحانه، فالله عز وجل هو الذي يتوفى، ولذلك من الخطأ أن نقول: فلان توفى، هذا خطأ، فلان توفى بمعنى: قبض، ولكن فلان قُبِضَ فنقول: تُوفيَ فلان، ومات فلان، فالذي يتوفاه هو الله عز وجل، والذين يتوفونه هم الملائكة يقبضون روحه، فالقائم بالأمر هو الله عز وجل، ثم الملائكة منفذون لأمر الله سبحانه تبارك وتعالى.

فكيف يكون حال هؤلاء المنافقين المرتدين على أدبارهم إذا قبضت الملائكة أرواحهم وهم في حالهم عصاة كفار مجرمون؟! الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية إلا بضرب شديد لوجهه وقفاه، إلا بضرب نسأل الله العفو والعافية، فصاحب المعصية الذي مات على المعصية يتوفى على هذه الحال، والملائكة تضربه على وجهه، وتلطمه على ظهره وقفاه، فلا يتوفى أحد على معصية إلا على هذه الحال، فكيف يكون حال هؤلاء المنافقين حين تتوفاهم الملائكة بمثل هذا الضرب؟! أنت ترى الإنسان وهو يموت وأنت لا تدري عما يفعل به شيئاً، فالملائكة تضرب وجهه وظهره.

كذلك عندما يقاتل المؤمنون الكفار والمنافقين، ويقاتلون غيرهم، فإن الملائكة تتوفى الكفار القتلى فيضربون وجوههم وأدبارهم في حال القتال، والملائكة مؤيدة بالله عز وجل، مؤيدة للمؤمنين، فيضربون وجوه الكفار عند الطلب، ويضربون أدبارهم عند الهرب، الكافر يقبل على المؤمن فتضربه الملائكة على وجهه، والكافر عندما يهرب تضربه الملائكة على قفاه ورأسه وظهره، فهذا تأييد من الله عز وجل للمؤمنين، وتطمين للمؤمن ألا يخاف فإن الله معه، فهل ينظرون إلا إحدى الحسنيين، فانتظر: إما أن ينصرك الله عز وجل وإما أن يتوفاك فتكون شهيداً ولك العاقبة الحسنة عند الله عز وجل.

قال الله عز وجل: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد:٢٧] إذاً: هذا في وقت الموت والوفاة، وفي وقت الحرب والقتال والقتل، كذلك عندما يقومون من قبورهم تسوقهم الملائكة إلى الموقف، وتسوقهم الملائكة إلى النار والعياذ بالله بالضرب، فيدعون إلى نار جهنم دعا، ويدفعون على أقفائهم ويضربون على وجوههم، نسأل الله العفو والعافية، فهذا هو حالهم، فمن سينصرهم في هذه الحال؟! ذلك الجزاء والعذاب والعقاب بأنهم اتبعوا ما أسخط الله سبحانه تبارك وتعالى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>