للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)]

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] التحذير للمؤمنين أن يكونوا مثل هؤلاء الكفار، احذر أيها العبد المؤمن أن تحبط عملك فتستوي مع هذا الكافر، وإن كان هناك فرق بين المؤمن وبين الكافر.

فالكافر عمله كله محبط، والمؤمن لا يكون عمله كله محبطاً إلا بالكفر والردة عن دين الله سبحانه تعالى، فإذا كفر وارتد حبط العمل، فالله يحذر المؤمن، احذر أن تكفر، واحذر أن تشرك بالله، واحذر أن ترائي، واحذر أن تعجب بعملك، واحذر أن تزهو وأن تفاخر بعمل، وأن تكاثر بشيء فتفتخر به على خلق الله، واحذر أن تطلب الدنيا بعملك، واحذر أن تمن بعملك على دين الله سبحانه وتعالى، فإنَّ هذه محبطات للعمل، والإنسان لا يعمل العمل لغير الله، أو رياءً وسمعةً وشركاً بالله عز وجل، فالله أغنى الأغنياء عن الشرك ولا يقبل منه هذا العمل.

وحين يعمل العمل ليزهو به فلا ثواب له في هذا العمل، وحين يعمل العمل ويكون عمله لله ثم بعد ذلك يمن به على الله عز وجل ويمن به على المؤمنين أبطل عمله بذلك، فهذه أشياء تحبط عمل الإنسان، منها: الشرك بالله عز وجل والكفر والردة، ومن هذه الأشياء: الغرور، والعجب بالعمل، وأن يمن بعمله على ربه سبحانه وتعالى.

فيحذر الله المؤمنين فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] أي: احذروا من أن تبطلوا أعمالكم، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أشياء تحبط العمل، كالشرك الخفي، كأن يقوم ويصلي ثم ينظر إلى الناس، ويزين صلاته للناس وليس لله سبحانه وتعالى، والإنسان يترك العمل الصالح بعدما كان يعمل، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يمل حتى تملوا) فالإنسان يعمل العمل فيكون له أجره، فإذا مل وترك ومن بهذا العمل أبطل هذا العمل وقضى عليه.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله)، ويقيناً أن هذا الذي حبط عمله ما حبط كل عمله؛ لأنه لم يكفر بالله عز وجل إلا إذا تركها معتقداً أنها ليست واجبة، فهذا كفر بإنكار شيء معلوم من الدين بالضرورة، ولكن إذا تركها وهو قادر على أن يصليها لا عذر له في ذلك.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس في النوم تفريط)، أي: الإنسان معذور إذا نام وفاتته الصلاة، (ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى) إذاً: لا يكون التفريط من الإنسان إلا إذا خرج وقت الصلاة وهو قادر على أن يصليها حتى انتهى وقت هذه الصلاة.

إذاً: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من ضيع وقت الصلاة حتى انتهى وقتها، ومن فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله، فقوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣] أي: بمنٍّ وعجب وشرك وردة وغيرها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>