للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المؤمنون هم الأعلون]

قال: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد:٣٥] يذكر الله المؤمن فيقول له: جعلناك أنت الأعلى وأنا معك، ولذا قال لموسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:٤٦] موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام ذهبا إلى فرعون يدعوانه إلى الله عز وجل؛ لأنه قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:٢٤] قال الله عز وجل {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:٤٣ - ٤٤]، ذكراه لعله يخشى ويرجع عما يقوله.

{قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ} [طه:٤٥] الخوف جبلي في الإنسان {إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لا تَخَافَا} [طه:٤٥ - ٤٦] لماذا لا تخافا؟ {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:٤٦] أنا معكما بسمعي وبصري، معكما بقوتي وقدرتي؛ فلا تخافا.

{فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد:٣٥] فالمعية ليست لموسى وهارون فقط، وليست للنبي صلى الله عليه وسلم فقط، ولكن لكل المؤمنين، الله مع المؤمنين، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:١٢٨]، فاتقوا ربكم يكن ربكم معكم.

قال: {وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ} [محمد:٣٥] أي: لن ينقصكم شيئاً من ثواب أعمالكم، ولن يضيع الله عز وجل عليكم ثواب ما عملتم، مهما عملتم من عمل قليلاً كان أو كثيراً، صغيراً في نظركم أو كبيراً، كله عند الله يدخره لكم ويعطيكم الثواب عليه.

{وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ} [محمد:٣٥] هذه مأخوذة من الوتر بمعنى: الواحد، والوتر بمعنى: الانفراد كأنه يقول: لن يفردكم عن أعمالكم، كأن إنساناً أفرد الإنسان عن صديقه، أخذ صديقه بعيداً وتركك أنت في مكان آخر، كذلك لن يترك ثوابك، لن يأخذ الثواب ليضيعه ويتركك أنت لوحدك من غير ثواب، لا، الثواب لك عند الله عز وجل.

{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٥] أي: لن ينقصكم من ثواب أعمالكم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>