للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضل المساجد وفضل أهلها وما يقال عند دخولها]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة النور: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:٣٦ - ٣٨].

ذكرنا في الحديث السابق هذه الآية وهي قوله سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [النور:٣٦].

ففيها ذكر هذه المساجد التي عظمها الله عز وجل وقضى وأمر برفعها، وأن يذكر فيها اسمه سبحانه، وأن يسبح له فيها في الصلاة وغيرها.

قوله: (بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) الغدو: أول النهار، ومنه صلاة الغداة أي: الفجر.

والآصال: جمع أصيل وهو من الظهر إلى العشاء، فدخلت مواقيت الصلوات الخمس فيها، فكأن التسبيح يكون في جميع أوقات الصلاة في المساجد، فهؤلاء هم الرجال الذين من صفاتهم: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور:٣٧].

فهم يأتون بيوت الله سبحانه فيصلون لله سبحانه وتعالى، ويذكرونه ويسبحونه، ويحضرون حلق الذكر، فتشهد لهم الملائكة بذلك من وقت إتيانهم من بيوتهم إلى رجوعهم إلى بيوتهم، فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون.

ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنك إذا جئت بيت الله عز وجل ودخلته أن تسمي الله تعالى، وتدخل برجلك اليمنى، وتدعو ربك سبحانه أن يفتح لك أبواب رحمته.

فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي حميد -أو عن أبي أسيد - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك)، فداخل المسجد طالب للرحمة، والخارج من المسجد طالب لفضل الله سبحانه وتعالى، فالذي يأتي إلى بيت الله يريد المغفرة ويريد فضل الله عز وجل ورحمته، والخارج من المسجد يبحث عن رزقه عندما يرجع إلى بيته، فيسأل الله عز وجل من فضله، وأن يرزقه ويغنيه ويعفه ويعطيه من فضله سبحانه.

وقد جاء في الحديث الآخر: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك).

وجاء في حديث السيدة فاطمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان إذا دخل المسجد قال: باسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم! اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال: باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم! اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك).

فدخول المسجد ليس كدخول غيره، فعندما تدخل المسجد تطلب الرحمة، وعندما تخرج من المسجد تطلب الفضل من الله عز وجل، وهذه مزية لبيت الله سبحانه.

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا دخل المسجد يقول: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم، ويدخل برجله اليمنى ويقول: باسم الله، اللهم صل على محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك)، وجاء في هذا الذكر في قوله: (أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم).

فيجب على المسلم أن يحفظ هذا الذكر العظيم، فإذا دخل بيت الله عز وجل قال: (أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم)، فإن الله عز وجل يعصمه من الشيطان الرجيم، (يقول الشيطان: حفظ مني سائر اليوم).

وإذا دخل صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة من صيغ الصلاة عليه، ومن هذه الصيغ كما في هذه الرواية: (اللهم صل على محمد) وفي رواية: (والصلاة على رسول الله)، أو (والسلام على رسول الله) صلى الله عليه وسلم، ثم تسأل الله عز وجل من رحمته.

فالدخول إلى المسجد يكون بالرجل اليمنى، والخروج من المسجد يكون بالرجل اليسرى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>