للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة الفرقان: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان:١ - ٦].

هذه السورة الخامسة والعشرون من كتاب رب العالمين سبحانه، وهي سورة الفرقان، وهي سورة من السور المكية، قيل: إلا ثلاث آيات منها فمدنية، والجمهور على أن هذه السورة مكية، قال ابن عباس: إلا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان:٦٨] إلى قوله سبحانه: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان:٧٠] قالوا: فهذه مدنية، وباقي السورة كلها مكية، والسورة فيها خصائص السور المكية، ففيها: ذكر الكفار ومطاعنهم على هذا القرآن العظيم وعلى النبي صلى الله عليه وسلم، وطعن هؤلاء في نبوته صلى الله عليه وسلم، وفيها الرد على مقالات هؤلاء وجهالاتهم.

كذلك فيها: الرد على افترائهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها ذكر صفات الله سبحانه وتعالى وعظيم قدرته، وفيها أيضاً أخلاق وصفات المؤمنين، وبيان كيف خلق الله عز وجل الإنسان والبحار والأرض، وجعل سبحانه وتعالى آيات لعباده في ذلك على ما يأتي التفصيل.

وفيها أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، والسور المكية تهتم بأمر العقيدة، وذكر اليوم الآخر والجنة والنار، وفيها بيان صفات المتقين: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} [الفرقان:٦٣]، إلى غير ذلك من خصائص وصفات السور المكية.

والسورة آياتها سبع وسبعون آية اتفاقاً ليس هناك خلاف بين أهل العلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>